20 نوفمبر 2009

أبو الولد




ملت مطاردته كل ليلة.. تريد أن تنعم بحلم رومانسى بعيدا عن مشكلات النهار.. صاحت فى وجهه.


- ماذا دهاك يا أبا الولد..؟ ألم تمت..؟!! ألم يشغلك ما أنت فيه وتتركنا فى حالنا..؟!


أجابها فى يأس:


- من أين الراحة يا أم الولد ..؟ أريد أن أطمئن عى ابنى.

اشتدت عصبيتها:

- ابنك ..؟ أم كما أنت متعب فى حياتك ، متعب فى مماتك.. يعز عليك أن تريحنى منك ليلة واحدة.. ولو ليلة.

لا والله يا أم الولد، أنا بالفعل مشغول على ابنى.

- ألم يمت أب ويترك طفلا..؟ منذ أن مت وأنت تلاحقنى فى أحلامى.. تسأل عن ابنك، وأطمئنك عليه.. ماذا تريد أن تطمئن عليه هذه المرة، وأحصل منك على وعد.

- وعد..! بماذا..؟

- أن تريحنى منك للأبد..

- للأبد..! مستحيل.. مستقبل ابنى يشغلنى، تمنيت أن أربيه على عينى.. أوصيك به خيرا يا أم الولد.

- أطمئن.. إنه ابنى.

- الحياة صعبة عندكم.. نضطر فيها لكثير من التجاوزات ثم نتعذب هنا بسبب ما اضطررنا له فى الدنيا.

لان صوتها:

- وماذا فى وسعنا يا أبا الولد..! فلا تكن أنت والدنيا علينا.. ألا يكفى أنك مت وتركتنى أقاسى الوحدة ، وأتحمل مسئولية ابنك صغيرا وحدى.

بمرارة المضطر:

- أريده أن ينعم بطفولة هادئة.

- اطمئن .. اشتريت له كل لعب الأطفال رغم غلاء ثمنها، ولكنه لا يلعب بها.. ويحطمها.

- لماذا..؟

- تشده برامج التليفزيون أكثر.

- - لا بأس التليفزيون وسيلة ترفيه وتثقيف.

- لا تروق له برامج الترفيه والتثقيف يا عزيزى.

- وماذا يعجبه إذا .. فمن ميوله تستطيعين التعرف على شخصيته.

- يميل إلي المصارعة الحرة وأفلام الهند الدموية.. وأساطير هيركليز.. هذا ما يأخذ لبه أكثر.

- إذن اشغليه بأصدقاء فى مثل عمره.

- حاولت لكننى لا أعرف عمره.

صائحا:

- كيف يا أم الولد..! أليست عندك شهادة ميلاده..!

- لم تعد السن تعرف بشهادة الميلاد.. اللغة والتصرفات أكبر من سنه الفعلى.. الفهم والاستعاب أقل بكثير من السن المدونة في شهادة الميلاد.. وأنا فى حيرة من أمرى.

- وأصدقاؤه..؟ ماذا عن اصدقائه يا أم الولد..؟

- على شاكلته.. يصعب جدا التفريق بينهم.. كل شىء هنا أصبح متشابها.. فى العبارة، فى الملبس، فى الحركة، فى الصوت واللحن، حتى فى رسم الصورة.. كله.. كله لا فرق.

- لا تحزنى يا أم الولد هذه فورة الشباب.. حافظى له على المبادىء التى تربينا عليها .. فالولد من منبت طيب.. ويستجيب للخير.

- لم أنس هذا مطلقا.. لقنته: ( حب لأخيك ما تحبه لنفسك)

- بالتأكيد استجاب.. أليس كذلك.

- على العكس.. نظر إلى باستخفاف وقال:

( إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب)

- أيضا لا تقلقي.. اهتمى بالغذاء.. فالعقل السليم فى الجسم السليم كما تعلمين.

- اشتريت كتابا خصيصا فى أصول التغذية كى أنتقى له المفيد.. لكننى فشلت عند التنفيذ.

- وما السبب يا عزيزتى..؟

- اصطدمت بعتبة التحذيرات.. الطيور محقونة بهرمون يعطل الرجولة..



 والخضراوات والفاكهة المصنوعة فى أحضان الصوبة تعطل الأنوثة،

والطيور موبوءة، والأبقار مجنونة، والأسعار أجارك الله.

صرخ بجنون:

- ولد واحد ولا تقدرين على تربيته..؟ ربتنا أمنا عشرة ولم تشتك.

صرخت أكثر:

- أتقارن زمنى بزمن أمك..! ألم أقل أنك تأتى لتستفزنى لا لطمئن على ابنك..!

ازداد صراخه وحدته:

- كفى عن الشكوى يا امرأة.. لو كان الأمر بيدى لقدمت طلب استعجال باستدعاء الولد إلي هنا.