31 ديسمبر 2009

عام مضى " قطعة أدبية نثرية "





انطفأ النور.. تعانق العقربان.. ضمني بشدة.. اعتصرني..

شعرت بأنه يتحول إلي شعاع يذوب في.. لحظة هي العمر ..

فيها مشاعر العام والأعوام قبله.. عاد النور يتلألأ .. لم أجده..

لم يكن هو .. أنا أيضا لست هي.. صرنا جسدا واحدا ونبضا واحدا.

- منذ الآن لن ننفصل أبدا .. لن نفترق أبدا .

هذا صوته من الأفق بالوداع.. رددت عليه بمشاعري:

- رغم أننا لن نتقابل أبدا .. أبدا.

صرت في لحظةٍ ذكريات حلوة.. حتى عذاباتك صارت حلوة ً..

مشاعر تغمرني .. صرت بطعم الكوكتيل فيه كل الفواكه ولا تميز إحداها..

صرت بلون الطيف تتداخل ألوانه ولا تحدد مداها.. صرت .. وصرت..

حتي كلمة صرت لها طعم حلو ليس في الكلمات معناها.

فلم تحصل علي لقب صار إلا بعد معاناة شديدة. . وأحداث جسيمة..

منها المفرح ومنها الشجي وكلها تساوت الآن براحيلك..

كل يوم في العام الجديد استطيع أن أقول حدث في مثل هذا اليوم بشكل محايد .

استطيع أن أحس بك احساسا أكثر وعيا ، وأن أرى بعينيك 365 رؤية

أكثر وضوحا، وفي داخلي مزيج غريب بين فعل المضي وفعل الحضور..

يتولد منهما فعل جديد، ليس من أفعال اللغة ، هو من أفعال القلوب..

فعل تستحلب طعمه وتستنشق عبيرة وتلمس دفئه.

عام مضي:

وفي كل عام نمسك بذيله لنبقيه قليلا ولكنه حتما مضي.

عام جديد:

أين القديم إذاً حتي أوليه ظهري .. أوقفني علي حافة عتبته..

خذ بيدي تلمس طرف أنامله.. أنشر في المكان رائحة رواحه..

هل هي رائحة القديم كما نعرفها من الورق الأصفر ..

صحيح غاب ولكنه ذاب فينا .. أخرج لنا عصيره ..

رحيقا نشرب وعبيرا ننتشي.. وحلما نضج وماضٍ في تحديد ملامحه.



أيها العام الذي يسمونه مضي وينكرون لمساتك عليهم ..

الشعرة البيضاء في المفرق.. بسمة ميلاد، ودمعة فراق..

وقفة مرتجة لطفل عرفك.. ونمو نبتة فى حقل، وارتفاع برج فى الفضاء..

وكثير كثير من الذكريات.

لم تأت بجعبة فارغة ولم تمض بلا دور..

الجاحدون ينكرون دورك أنا لست منهم .. وسأعترف..

دورك عليّ من أبدع ما يكون، وبصمتك فىّ أيها العام

الذي يسمونه مضي واضحة جلية..

لمستني أيها العام بعصاك السحرية فحولتني نورا غضا، وروحا أثيرية..

أحبك رغم فراقك يا أيتها السنة المخملية..

يا لك من سنة تظلين حتي نهاية عمري فيّ باقية.

28 ديسمبر 2009

اضراب العصافير












اعتادت ندي أن تصحو مبكرة علي تغريد جميل يداعب خيالها، وينشط بدنها، ويشرح صدرها فتصحو سعيدة منتعشة، تفتح نافذتها، وتلقي بالتحية علي شجرة العصافير الكائنة أمام نافذة حجرتها، وحين تقع عينيها علي العصافير الجميلة والكثيرة، وهي تتقافز لاعبة مغردة تكاد تدمع عينيها من البهجة، وتقول لها



اشكرك أيتها العصافير الرائعة، وأشكر الله الذي وهبك هذا التغريد الفريد وحطك فوق شجرتي حتي استيقظ مبكرة وأصلي الفجر حاضرا، وأبدأ يومي مبكرة، دون أن يصيبني الملل، أو التعب.



أما حين تذهب العصافير سعيا وراء رزقها، وتترك الشجرة خاوية من التغريد والزقزقة، فكانت ندي تحدث نفسها قائلة:



كم أشعر بفقدك أيتها العصافير كم أتمناك الآن وقت القيلولة تهدهدين أعصابي بتغريد وزقزقة حتي تغفو عيني قليلا.. يا تري أين أنت الآن ؟ ولمن تغنين ؟



هداها تفكيرها أن تأخذ عصفورا من تلك العصافير الجميلة يكون لها وحدها، يغني لها في كل الأوقات، وتستمتع بالألحان البديعة في كل حين، ونفذت ما فكرت فيه، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل نصحت كل صديقاتها بأن يفعلن مثلها، وأخذت تشرح لهن فوائد أن يكون لكل منهن عصفورا مغردا يغني لها وحدها فيزداد النشاط، والتفوق مقابل أن توفر له الغذاء وتريحه من عناء السعي طوال النهار من أجل الطعام .



اقتنعت الصديقات بأفكار ندي واستعدت كل واحدة بقفص قيّم تفننت في تجميله وعند آذان المغرب تعود العصافير من رحلة الطيران، والتنقل من زهرة لزهرة، ومن غصن لغصن في الحدائق، والحقول فرحانة كعادتها تصلي لربها شكرا وتسبحه حمدا علي نعمة الطيران والعلو، ثم تخلد العصافير للنوم اللذيذ المبكر.



في هذا الوقت الساكن امتدت أياد صغيرة كثيرة إلي العش الهادي وضمت كل واحدة عصفورا دسته في قفصها وأغلقت بابه، وذهبت كل واحدة بعصفورها إلي حجرتها، تماما كما فعلت ندي التي اختارت له مكانا مواجها لسريرها حتي يكون أول شيء تفتح عليه عينيها.



لم تصحو ندي في اليوم التالي مبكرة، وحينما نظرت إلي العصفور في قفصها وجدته حزينا منكمشا، وحين فتحت نافذتها وجدت شجرتها بلا سعادة ولا زقزقة فقد أحست باقي العصافير بالخطر، وعدم الآمان في هذا المكان، فهربت منه .



وتحيرت ندي من أمر العصفور الحزين رغم قفصه الغالي، ومكانه الدافىء، وأمضت اليوم متسائلة ولم تلق إجابة تريحها، ونامت حزينة مثل عصفورها الحزين فرأت نفسها، في بستان جميل مليء بالأشجار والأزهار وجداول المياه، لكنه كئيب رغم هذا الجمال، الأشجار ذابله، الأزهار مائله، والمياه راكدة، ورأت رجلا مهيبا يجلس حزينا فسألته



ما سر حزنك وأنت في هذه الجنة البديعة ؟



قال الرجل:



وهل هناك جمال بلا روح.. إن روح هذا المكان هجرته فمات كل شيء فيه



لم أفهم ماذا تقصد بأن الروح هجرته؟



روح هذا المكان هي العصافير التي تجعل له نغما، وتدب فيه الحياة، فقد كانت العصافير تأتيه من كل صوب، تلعب بين أوراق الأشجار فتسقط بأرجلها الورق الجاف، وتنقل حبوب اللقاح من مكان إلي مكان فيتكاثر النبات وتتفتح الأزهار، وتلتقط بعض الثمار التى يخلص النبات من الشوائب، وتعود إلي أعشاشها بعد أن تترك كل شيء منتعشا.



تساءلت ندي في دهشة :



- وماذا حدث اليوم ؟ لماذا لم تأت العصافير وتفعل ما كانت تفعل كل يوم ؟



- يقولون إن بعض الأولاد الأشقياء أمسكوا العصافير، وحبسوها في أقفاص ليستمتعوا بها وحدهم من فرط الأنانية، متناسين أن العصافير مخلوق حر خلقه الله لكى يكون طليقا، ولا يرضي بديلا قفصا من ذهب ووعاء من فضة .



- لكنهم لم يمسكوا كل العصافير فأين باقي العصافير ؟



- باقي العصافير حزينة من أجل العصافير الحبيسة، ثم إنها خائفة علي نفسها هي الأخري أن يصيبها ما أصاب إخوتها لذلك قررت الإضراب.



قالت ندى :



- ولكن أيها الرجل الطيب أنا أخذت عصفورا واحدا ليغنى لى فى كل وقت.



قال الرجل :



- يابنتى من يحصل علي أكثر من حقه يفقد كل شيء.



أفاقت ندي علي صوصوة ضعيفة فقالت للرجل:



- انصت.. أسمع صوصوة.



فلم تجد ندي الرجل ولا الحديقة بل وجدت نفسها في حجرتها أمام عصفور ضعيف يصدر صوتا ضعيفا رافضا ما أمامه من طعام، ورن في أذنها صوت الرجل الوقور:



( العصافير مخلوق حر خلقه الله لكى يكون طليقا)



دمعت عينا ندي واسرعت بفتح باب القفص، وأخرجت العصفور وقالت له:



- أنا آسفة أيها العصفور الطيب، لم أكن أفهم قيمة الحرية لك والسعادة لي.



انطلق وحمدا لله أن الوقت لم يفت بعد، وتستطيع أن تسترد بعض صحتك



التي فقدتها أثناء الحبس، والآن هيا إلي الطيران من جديد.



اعتذرت ندي للعصفور وأطلقته ثم مرت علي صديقاتها واحدة واحدة تحكي لها قصة البستان المهجور واضراب العصافير، فتسرع الصديقة بإطلاق عصفورها بعد أن تعتذر له



صباح اليوم التالي استيقظت ندي مبكرة علي تغريد جميل يداعب خيالها، وينشط بدنها، ويشرح صدرها، فحمدت الله أن عادت الحياة إلي شجرتها التي أطلقت عليها شجرة العصافير.











حوار هادئ.. الأنفاق والحاجز الفولاذي


منقول بقلم/ نافذ غنيم
• عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
تعالت أصوات الرفض والاستنكار والتهديد برفع القضايا لمحاكمة الشقيقة مصر بسبب بدئها بإنشاء الحاجز فولاذي داخل أراضيها لمنع عمليات التهريب على طول الحدود الفلسطينية المصرية، وبعيدا عن الانفعال وضجيج التصريحات، لنفكر قليلا فيما وصلت إليه الأمور من حيث المضمون والتداعيات، وفي كيفية تحقيق مصالحنا الوطنية الفلسطينية وسط هذه التطورات المتشابكة التي تفرضها معادلات دولية. وهل من طريق مختصر ومضمون لتحقيق ذلك؟
في البداية لابد من الإشارة إلى أننا كفلسطينيين نتطلع ليس فقط لفتح المعبر الحدودي مع الأشقاء المصريين ووقف العمل بالأنفاق، وإنما لإزالة الحواجز على طول الحدود الفلسطينية المصرية باعتبارنا أشقاء وتربطنا مصالح ومصير مشترك، مع قناعتنا بان حفر الأنفاق بغرض التهريب أمر غير شرعي، ولا يمكن لأي بلد يحترم ذاته وسيادته تجاهل ذلك أو الرضوخ له، وما دفع الحالة الفلسطينية لذلك الضغط الذي تعرض له شعبنا بسبب الحصار الاسرائيلي المجرم على قطاع غزة. ومن الموضوعي القول بان الدوافع لذلك تباينت، وإن كان في ظاهرها توفير البضائع التي يحتاجها المواطنين في قطاع غزة، فقد غلب على كافة العاملين في هذا المجال سعيهم لتكديس الثروات، وتحقيق أقصى قيمة من الأرباح لحساباتهم الخاصة، مما دفع ببعضهم تهريب الممنوعات دون الالتفات لمصلحة المواطن والمجتمع الفلسطيني عملا بقاعدة " الغاية تبرر الوسيلة"، وهذا ما كشفته وأكدته الأحداث المتكررة، إضافة إلى الارتفاع الجنوني في أسعار العديد من البضائع المهربة مقارنة بثمنها الأصلي في مصر، والى جانب ذلك علينا الإقرار بان الحكومة المصرية تجاهلت إلى حد كبير عمليات التهريب عبر حدودها لأسباب عدة، أهمها الإبقاء على متنفس لأهالي قطاع غزة المحاصرين، ولو كانت الحكومة المصرية راغبة في منع هذا النشاط لاستطاعت ذلك خلال أيام معدودة، قد يتساءل البعض، إن كان الأمر كذلك فلماذا الحاجز الفولاذي؟ قبل الإجابة على ذلك دعونا نسلط الضوء على مزيد من الحقائق فلسطينيا، إسرائيليا ومصريا، لتكتمل الصورة، ولنتمكن من الإجابة على ذلك بموضوعية .
فلسطينيا .. صحيح أن عمليات التهريب وفرت لأهالي قطاع غزة العديد من المواد الأساسية التي تعينهم على مواجهة الاثار السلبية للحصار الاسرائيلي، وهذا ما يمكن تفهمه على هذا الصعيد، أما الدوافع الأخرى التي يعتبرها البعض ايجابية وبخاصة فيما يتعلق بتهريب الأسلحة، فهذا أمر يحتاج لوقفة ونقاش طويل اعتقد بان هذه المعالجة لا تتسع لتفاصيله، لكني اعتقد بان الوضع القائم في قطاع غزة والظروف المحيطة به، تؤكد بان هذه الممارسات أضرت بشعبنا وفاقمت معاناته، كما ألحقت الأذى بقضيتنا الوطنية .. على أي حال إن كان ما توفره الأنفاق من بضائع للمواطنين أمر يمكن تفهمه، ففي المقابل هناك عشرات القضايا التي تستوقفنا طويلا تاركة علامات استفهام كبيرة على هذه الظاهرة، ومن بينها ما يتم تهريبه من مواد مخدرة ومسكنة وانعكاس ذلك على حياة الشباب والمجتمع بصورة عامة، وكذلك استمراء البعض لحالة الكسب غير المشروع من خلال التلاعب بالأسعار ارتباطا بالأحداث، وأيضا ما حصدته الأنفاق من أرواح عشرات العاملين فيها دون التفات حقيقي لحقوقهم ولما يعانونه من عمليات استغلال من قبل مشغليهم، وكذلك بروز شرائح اجتماعية ارتبطت مصالحها باقتصاد الأنفاق والتهريب، الأمر الذي كرس واقعا وجد تعبيراته في الحالة الاجتماعية والسياسية الفلسطينية، وبخاصة فيما يتعلق بتعارض مصالح هؤلاء مع إنهاء حالة الانقسام الداخلي، وتحقيق هدف المصالحة الوطنية، لان انجاز ذلك يعني التقدم باتجاه فتح معبر رفح، مما سيفقد الأنفاق مبرر وجودها وسيؤدي إلى إغلاقها .
إلى جانب ذلك فان عمليات تهريب البضائع إلى داخل القطاع ساهمت في تسرب العملات الصعبة لخارج قطاع غزة وبخاصة الدولار الأمريكي، مما تسبب بانقطاع دورة رأس المال، وبخسائر كبيرة في رواتب وتحويلات المواطنين عند تعاملهم مع البنوك الفلسطينية. كما أن سياسة التهريب أدت إلى تغيب آليات الرقابة والشفافية والمسائلة والمحاسبة للوارد من الأموال التي يتم تهريبها بصورة فردية او جماعية لغزة ولا تدخل في حسابات بنكية رسمية، وان كان الأمر كذلك، كيف يمكن ترجمة مبادئ العدالة والنزاهة دون أن تتوفر الآليات لذلك التي تضمن كشف ومحاسبة من يسرق أموال الشعب أو يوظفها لمصالحة الخاصة أي كان؟! كما أن ظاهرة الأنفاق أرست ثقافة غريبة عن الثقافة الوطنية السائدة، تتلخص في السماح بالممنوع وترخيص المحذور المخالف للقانون، والاعتياد على الكسب غير المشروع، وأصبح شائعا في أوساط الشباب التباهي بتناول المواد المسكنة مثل " التريمادول"، المهربة عبر الأنفاق، والتعامل مع ذلك كأمر طبيعي في حياتهم اليومية، والاهم مما سبق أن عمليات التهريب وبسبب ما توفره من مستلزمات لأهالي قطاع غزة، قد اضعف الإحساس لديهم بتعابير وتداعيات الحصار الاسرائيلي، واقتصار ذلك على الإحساس بتقيد حركتهم من والى قطاع غزة، مما تسبب بتحييد الإرادة الشعبية المقاومة للحصار وتداعياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما أن عمليات التهريب أحبطت من تصاعد الكارثة الإنسانية التي يفترض أن يخلقها واقع الحصار، لتشعل ضوء احمر أمام العالم للتحرك بصورة جدية ضد الحصار الاسرائيلي والعمل على إنهائه .. لقد انقلبت المعادلة، شعب ضحية يدفع ثمن الحصار وفي المقابل جلاد لا يواجه ضغطا ولا حتى تحملا للأعباء السياسية المترتبة على حصاره وعدوانه !! قد يقول البعض أن هناك حملات من التضامن الدولي قد جرى تنظيمها مع قطاع غزة المحاصر .. هذا صحيح ويجب تقدير هذا الجهد، لكن الأمر وإن أثمر عن بعض المساعدات، فقد بقي محدود وذو طابع إعلامي، ونحن لا نتحدث عن مساعدات إنسانية بالأساس رغم أهميتها، وإنما عن ضغط سياسي دولي فعال ومؤثر على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء حصارها الظالم .
إسرائيليا .. لقد تذرعت إسرائيل بإحكام حصارها على قطاع غزة بسبب اختطاف احد جنودها " شاليط "، وكذلك بالأحداث التي شهدها القطاع والتي تمكنت حركة حماس خلالها السيطرة بالقوة على الأوضاع فيه... لاحظوا بان إسرائيل شددت الحصار بصورة مطلقة على حدودها مع قطاع غزة شرقا وشمالا وغربا، وهي تفرض مناطق أمنية عازلة وجدارا إسمنتيا والكترونيا، بالإضافة إلى جدار ناري فتاك على طول الحدود لا يستطيع احد اختراقه وهذا ما أثبتته الأيام، أما من الجهة الجنوبية حيث الحدود مع مصر، فان تساهلا امنيا تمارسه إسرائيل برغم عمليات قصفها لبعض الأنفاق المنتشرة على الحدود الفلسطينية المصرية، ولو أن إسرائيل أرادت تدمير الأنفاق بصورة كلية لفعلت وهي التي تمتلك تكنولوجيا قادرة على اختراق وتدمير مفاعلات نووية في باطن الأرض محمية بسقوف إسمنتية يبلغ سمكها عدة أمتار، إذا لماذا إسرائيل لا تريد ذلك مع حرصها الدائم على وقف أي إمدادات عسكرية عبر الأنفاق؟ لأنها ببساطة تريد أن تدفع واقع قطاع غزة شيئا فشيئا لأحضان مصر، لكي تتخلى كليا عن مسئوليته خاصة بعدما نفذت خطوتها المحسوبة بالانسحاب من طرف واحد من قطاع غزة، تحقيقا لأهدافها المبيتة بإلحاق قطاع غزة بمصر وتامين احتياجاته من خلالها، ولتكريس واقعه الانقسامي عن باقي أجزاء الوطن الفلسطيني، وهي بذلك تحقق هدفها بعزل الشعب الفلسطيني في مناطق جغرافية متناثرة بتمايز سياسي خاص بكل حالة، لتكون بذلك قد نجحت في إجهاض المشروع الوطني الفلسطيني وفي مقدمته حق شعبنا في تقرير مصيره، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة في حدود الرابع من حزيران، وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب ذلك وكما أشرت، فان الأنفاق وعمليات التهريب لقطاع غزة قد أزاحت عن كاهل الإسرائيليين العديد من الأعباء وفي مقدمتها الثمن السياسي الذي يجب أن يدفعوه مقابل حصارهم، كما أن ذلك ساعد في تخفيف الضغط عليهم الذي يفترض أن يمارسه المجتمع الدولي على الأقل لدواعي إنسانية، بهدف إنهاء الحصار وفتح كافة المعابر بصورة طبيعية، ونتيجة لذلك فقد أطالت الأنفاق وعمليات التهريب أمد الحصار، وكان الأفضل للمصلحة الوطنية اتخاذ كافة التدابير التي تسرع في كسره وإنهائه .
مصريا .. إن الوقائع تؤكد بان الحكومة المصرية تعاملت بمرونة مع ظاهرة الأنفاق والتهريب على قاعدة أهون الشرين، فكلا الخيارين لم يكنا سهلا على مصر التعامل معهما، فإما أن تتصدى بكل حزم للأنفاق وعمليات التهريب عبر حدودها، لتضع نفسها في موقع من يحاصر الشعب الفلسطيني ويسعى لتجويعه، ، وليستغل البعض ذلك لإثارة حملات التحريض ضدها بهدف تفجير الموقف على حدودها، ودفعها للتصدي لأي محاولات لاختراق الحدود المصرية من قبل الفلسطينيين، وبالتالي توريطها في دم فلسطيني كانت مصر دائما حساسة له، لأنها من دفع الدم والتضحيات لأجل الفلسطينيين. وإما أن تغض النظر عن الأنفاق وعمليات التهريب، لمساعدة شعبنا على مواجهة اثار الحصار الاسرائيلي، وقد عبر الرئيس المصري مبارك عن ذلك بقوله " لن نترك الشعب الفلسطيني يجوع "، كان ذلك برغم إدراك الحكومة المصرية بأن ذلك سيكلفها ثمن سياسي وامني واقتصادي.
سياسيا، أدركت مصر المخطط الاسرائيلي الذي أشرت له سابقا، وهي تجنبت أن تكون طرفا في مؤامرة إجهاض المشروع الوطني الفلسطيني تحت وطأة شعارات إنسانية وعاطفية وأحيانا سياسية مغرضة ، ليسجل عليها التاريخ بأنها قد ساهمت في ذلك، وهذا ما عكسته العديد من المواقف والتصريحات الرسمية المصرية ، كما عملت على أن لا تتحمل فاتورة الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة، ليس من جانب التنكر للشعب الفلسطيني والتهرب من مسئولياتها القومية، وإنما من جانب الإصرار على تحميل إسرائيل المسئولية الأساسية والرئيسية لذلك ، وتوريطها أمام العالم فيما اقترفته من جرائم بسبب الحصار، وفي ذات الوقت فقد واجهت وما زالت ضغط أمريكي أوروبي إسرائيلي باتهامها بغض الطرف عن تهريب الأسلحة لقطاع غزة، وبالتالي هي مدانة بسبب عدم قدرتها على كبح الإمدادات " الإرهابية " في المنطقة .
في ذات السياق عمد البعض بتصعيد الهجوم على مصر واتهامها بتشديد الحصار على قطاع غزة، وقد تناسى هؤلاء ما جئت عليه سابقا، وبان هجومهم الأساسي يجب أن يتركز دائما وأبدا ضد الاحتلال الاسرائيلي باعتباره المسئول الأول عن حصار قطاع غزة وتداعياته الخطيرة على كافة المستويات، وكان يتوجب عليهم السعي الدءوب لمواصلة التفاهم والتفهم لموقف مصر وصولا لسياسة مشتركة متفق عليها تراعي متطلبات مواجهة الحصار وأثاره السلبية، وفي ذات الوقت تأخذ بالاعتبار واقع مصر، وكذلك المخطط السياسي العدواني الذي يستهدف شعبنا وقضيتنا، والذي يجب أن لا يغيب للحظة عن مواقف وتوجهات كافة الأطراف الفلسطينية .
امنيا، خلق واقع التهريب مشاكل أمنية متعددة لدى المصرين، وبخاصة فيما يتعلق بتهريب الأسلحة، فقد أدى تهريب الأسلحة عبر الأراضي والحدود المصرية لنشوء "مافيا" تهريب بتركيب إقليمي عربي مصري، والى تسرب عشرات المطلوبين للقضاء في بلدانهم لداخل مصر وعبر حدودها، واستخدام أراضيها لممارسة ما هو غير قانوني، بالإضافة إلى أن ذلك والى جانب مختلف عمليات تهريب البضائع الأخرى، انشأ مراكز قوى جديدة داخل مصر وبخاصة على طول الحدود المصرية حيث تتوفر المناخات الخصبة لتشكيل الجماعات المسلحة التي اغتنت من عمليات التهريب، والتي نظمت أنفسها للدفاع عن مصالحها في وجه الحكومة المركزية والقانون المصري الذي يمنع عمليات التهريب بمختلف أنواعها ، كما أن البعض استغل شعار دعم المقاومة الفلسطينية لتشكيل مجموعات مسلحة هدفها المس بالأمن المصري وبمكانة مصر ، وهذا ما كشفت عنه العديد من الحوادث المتفرقة داخل مصر، وعلى طول الحدود الفلسطينية المصرية .
اقتصاديا، أدت عمليات تهريب البضائع من السوق المصري إلي إرباك الحالة الاقتصادية المصرية بسبب التسريب العشوائي للبضائع، الأمر الذي يتعارض والاعتبارات الاقتصادية الخاصة بمصر، والتي تحتسب ضمنها عمليات التصدير وفق القانون، ولها مردود جمركي تستفيد منه الدولة، إضافة إلى قيام المهربين بشراء وتهريب السلع المدعومة من قبل الحكومة المصرية بهدف تحقيق أقصي قيمة من الأرباح، مما حمل الإنسان المصري تبعات ذلك بسبب ارتفاع الأسعار أو نفاذ بعض السلع أحيانا من الأسواق المصرية .
وفي هذا السياق يجب التساؤل عن دوافع عمليات تهريب المركبات المصرية الحديثة عبر الأنفاق إلى غزة، فإن كان هدف الأنفاق والتهريب توفير الحاجات الأساسية للمواطنين المحاصرين في قطاع غزة، فما الداعي لتهريب هذه المركبات التي يتم سرقتها بطرق مختلفة من داخل مصر؟؟ ألم يعزز ذلك وغيره الجريمة المنظمة داخل المجتمع المصري وتسبب بتداعيات خطرة ؟
قد يقول قائل أن عمليات التهريب أغنت المصرين، هذا صحيح ولكن أي فئة من المصريين؟ بالتأكيد ليس المواطنين العاديين، وإنما شرائح منتفعة ومحددة هي المشاركة في عمليات التهريب ومن يحرسها، وكذلك من يدعمها من قبل بعض الأوساط المتنفذة .
في ضوء هذه التعقيدات، والمصالح المتشابكة والمتعارضة أحيانا، يأتي بناء الحاجز الفولاذي على طول الحدود الفلسطينية المصرية نتيجة منطقية لذلك بغض النظر عن موقفنا نحن الفلسطينيين سواء كنا متفهمين لذلك او معارضين له، وهو أيضا محصلة لقناعة أمريكية أروبية إسرائيلية بان مصر لم تستطيع منع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن عمليات التهريب لو اقتصرت على البضائع الأساسية لحاجات المواطنين لما تدخلت هذه الدول لفرض الحاجز الفولاذي، كما علينا الإشارة إلى أن مصلحة مصر قد تقاطعت مع ذلك لتجنب الأضرار التي تسببت فيها عمليات التهريب للمجتمع المصري على كافة المستويات .
هنا علينا أن نرى بُعدا أخر وهو أن مصر التي بذلت جهود مضنية من اجل اتفاق فلسطيني ينهي حالة الانقسام الداخلي ويحقق هدف المصالحة الوطنية لإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني ولنظامه السياسي، مستضيفة بذلك عشرات الحوارات الجماعية والثنائية بين حركتي فتح وحماس، هي حريصة بلا شك على أن تكلل جهودها بالنجاح كمصلحة فلسطينية أولا، وكمصلحة مصرية ثانيا باعتبار قطاع غزة ومستقبله يؤثر بصورة مباشرة على الأمن القومي المصري، وهي ترفض بالطبع أن تجهض جهودها بسبب حسابات ومصالح خارجية تتحكم في قرارات البعض .
كما أنها لا تقبل أن يتعامل البعض معها وكأنها فصيل سياسي، أو بفرض ما يتعارض مع مصالحها القومية، فمن الحكمة السياسية أن نراعي نحن الفلسطينيين واقع مصر وظروفها ومصالحها، والعمل على تعزيز القواسم المشتركة التي ترسخ أواصر العلاقة بيننا كجارين تربطهما مصالح مشتركة .
إن تحقيق ذلك لا يمكن أن يأتي بمعزل عن التعامل بموضوعية وحذر مع الظروف المحيطة، ومراعاة مصالح وسياسات الآخرين أثناء النظر والتعامل مع مصالحنا، وبخاصة أمام المحاولات الإسرائيلية الساعية لحرف حالة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والعربي الاسرائيلي عن مسارها الصحيح . لتبدو قضية الحصار لقطاع غزة وكأنها مشكلة فلسطينية مصرية، فإسرائيل تسعى بكل ثقلها وأدواتها في المنطقة لتكريس واقع الانقسام الفلسطيني، وفي هذا السياق وان بدا المشهد بأنها تحاصر قطاع غزة - والحقيقة كما أسلفت بان حصارها الحقيقي يستهدف الحدود والمعابر معها وليس مع مصر - فإنها تسعى لان تفرض على مصر وعلينا سياسة الأمر الواقع، عبر دفع مصر لتطبيع العلاقات مع قطاع غزة أي مع سلطة حركة حماس من خلال فتح المعبر ليصبح واقع الانقسام والانفصال معترف به، ومرسخ على المستويين الجغرافي والسياسي، واعتقد بان ما يؤخر ذلك عدم الانتهاء من مشكلة الجندي المخطوف "شاليط" .
إن التصدي لما هو قائم وتجنب أثاره السلبية قدر الإمكان، يجب أن يدفعنا نحن الفلسطينيين لرؤية ما هو وطني شامل وليس حزبي ضيق، ومراجعة الطريقة التي يجرى التعامل بها مع أوضاعنا الداخلية ومع المحيط الذي تحكمنا قواعده ومستلزماته، وفي مقدمة ذلك إعادة الاعتبار للنظام السياسي وللمؤسسات الشرعية الفلسطينية على قاعدة الوحدة وإنهاء حالة الانقسام الكارثي، والتخلي عن نهج المغامرة أو الاستسلام للإملاءات الخارجية، وإعادة قطار الصراع إلى سكته الصحيحة من خلال توحيد وتعزيز النضال المشترك ضد الاحتلال الاسرائيلي وسياسته العدوانية وفق إستراتيجية نضالية موحدة تحقق المصالح الوطنية العليا لشعبنا .
إن التقدم على طريق المصالحة الفلسطينية من خلال حسم حركة حماس لترددها والتوقيع على ورقة المصالحة المصرية التي وقعتها حركة فتح، وأعلنت كافة الفصائل المشاركة في الحوار استعدادها للتوقيع عليها برغم ملاحظاتها على بعض بنودها، هو اقصر الطرق للبدء بمعالجة أزماتنا، وفي المقدمة منها مواجهة الحصار الاسرائيلي وكسره بفتح معبر رفح الحدودي، وهذا ما أكدته مصر في العديد من المواقف ، وفي حالة تحقيق ذلك يصبح الجدار الفولاذي لا معنى له في حساباتنا كشعب وكمصلحة وطنية فلسطينية، أما بالنسبة للمنتفعين من الحالة القائمة فبالتأكيد ستكون لهم حسابات أخرى نظرا لارتباط مصالحهم بتهريب الأموال والكسب غير المشروع لتكديس ثرواتهم حتى لو كان ذلك على حساب استمرار معاناة شعبنا ومستقبل قضيته .
إذا ما تحقق ذلك اعتقد بان التوازن السياسي سيحكم مواقف وتصريحات البعض، فبدل التفكير برفع قضية على مصر التي تقيم حاجزا فولاذيا في أراضيها لمنع التهريب، يجب التفكير برفع قضية دولية على حكومة الاحتلال الاسرائيلي التي تحاصر شعبنا في قطاع غزة، وتقيم المناطق العازلة على طول حدوده وعلى حساب أراضيه، وتنصب جدارا ناريا قاتلا يفتك بأي كائن يفكر بالاقتراب من الحدود الإسرائيلية .
بقلم/ نافذ غنيم


• عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

18 ديسمبر 2009

بغداد







بَغْدَادُ يَا أَرْضَ الخِلافَةِ وَالبُطُولَةِ وَالكَرَمْ






طَمِعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ عَمِيٌّ وَاحْتَدَمْ





فَتَصَيَّدَ الحُجَجَ الَّتِي مَارَى بِهَا وَلَهَا عَزَمْ




سَنَّ الأَسِنَّةَ يُهْدِرُ الأَحْلامَ تَشْتِيتَ الأَصَمّْ







لَكِنَّهُ اغْتَرَّ الخُطَى فَسَقَيْتِهِ كَأْسَ النَّدَمْ






مَا ضَاعَ مِنْ عَزْمٍ سُدًى مَا رَاحَ نَهْبًا لِلْعَدَمْ







فَرَبِيعُ هَذِي الأَرْضِ حَالَ الظِّلَّ نُورًا فِي الأُمَمْ







إِذْ تُنْبِتُ الأَرْضُ ارْتِعَاشَاتِ الضَّحَايَا لا جَرَمْ




إِذْ تُنْبِتُ الأَرْضُ الأَكُفَّ وَأَلْفَ مَوْلُودٍ أَشَمّْ






لِيُعَوِّضَ المَسْلُوبَ مِنَّا وَالَّذِي بَاعَ ابْنَ عَمّْ






بَغْدَادٌ اسْمٌ فِي العُلا مُتَصَدِّرٌ أَحْلَى نَغَمْ






تَارِيخُهَا هَارُونُ عَصْرٍ أَوْ صَلاحُ الدِّينِ تَمّْ





حَمَلَتْ رِيَاحُ دَوِيِّهَا أَوَّاهُ أَيْنَ المُعْتَصِمْ








لَبَّى لِسَاعَتِهِ النِّدَا إِنِّي لَهَا؛ عزمٌ، وَضَمْ








زَيْدِيُّ أحيا نهجهُ-يَا غَافِلاً بِالخِزْي-قُمْ






بِالنَّفْسِ ضَحَّى رَاغِبًا مُتَجَرِّعًا فِي الحَقِّ سُمّْ






مَا دَامَ عِزٌّ فِي جَنَانِ القَلْبِ أَمْرٌ يُحْتَرَمْ



------------------------
زيدي: المقصود منتظر الزيدى







15 ديسمبر 2009

أحلام مرتعشة











أنهيت اللمسات الأخيرة.. شكرت مرآتي.. خطوت قافزة.. أتمني لو ينبت ليه جناحان

 فأصل إليه سريعا.



(تفعصت) أناقتي في كتل اللحم البشري داخل الأتوبيس.. الأجساد المكدودة تبعث

بخمائر مقززة.. لو طالت قامتي خمسة سنتيمترات استنشق الهواء القليل السابح فوق

الرءوس.



نسيت أوجاعي وهو يحيطوني بذراعيه.. لو قصرت قامتي خمسة سنتيمترات تغيب

رأسي في صدره وتستريح.




مع حديثه عن عش الزوجية قفزت أحلامي متجاوزة أسوار حديقة الأندلس.. ظلت تعلو

وتعلو.. أرادت أن تخترق الحجب تقرأ المستور.. لو كنت عرافة طلع علي الغيب

وأتعجل الأحلام.




قال:

الرجل الملعون يماطل في تسليمه الشقة.. يطالبه بمزيد من المال.. المركب الصغير

يتهادي فوق مياه نيلنا العذبة.. لو كنت وريثة (أوناسيس) أبني له يختا يحمي حبنا من

 الضياع.




احتميت بصوته :

- أضحي من أجلك مهما تكبدت من مشاق.

لو كنت (ليدي سمبسون) تكون حجم التضحية التنازل عن العرش.




تشابكت أصابعنا.. خطونا فوق أرض مدينتنا المتبرجة.. أضواء.. أبواق.. ماركات

كثيرة لسيارات تداعبنا.. شكرتها.. كم كانت مداعبتها تزيد من تشابك أيدينا

والتحامها!




انعطفنا جانبا.. ما أحن صدره حين التقطني.. التوت ساقي بفضل حفرة صغيرة في

الطريق.




انطلقنا نغني سعيدين.. فجأة تحشرج الصوت.. انحبس.. الأنفاس تتلاحق.. تلاقت

عيوننا في حيرة أدركت حجم التضحية.. ارتخت أصابعنا.. تباعدت.. الطابور

طويل.. طويل.. مرهق.. مهين.. ثمن باهظ لزوج من الفراخ البيضاء.. لو كنت

نباتية!




تجاوزنا الطابور.. ضاع الطريق.. افتقدنا لهفة الأيدي جبنا الشوارع في صمت..

البسمة باهتة والنظرة شاردة.




اصطدمت بصبي يلعب بالكرة.. اكتشفت أنهم كثيرون.. الوقاحة في ألفاظهم.




شاهدت هذا الرجل وأمثاله أكثر من مرة.. يقف علي ناصية طريق أو وسط ميدان..

يهذي.. يشكو.. يفصح حينا ويغمغم أحيانا.. يلتف حوله الناس.. يقولون مجنونا

يقولون مسكينا.. يقولون كان رجلا محترما و.. مطحونا.




صافحت عيوننا لافتات السينما.. ( أنا وهو والمستحيل) والمستوردات عطور وأدوات

تجميل.. واجهات المحال تفصح عن أنواع الموبيليا الفاخرة.. مفروشات.. عصائر..

مأكولات سوبر.. هززنا كتفينا معا.




ازدرد ريقه :

- مر وقت طويل.. سبع سنوات كاملة.

تهدج صوتي :

- والعمر يضيع والشباب ينزوي.

قال :

- ولا بارقة أمل.. خذي طريقا مختلفا قد تدركين ما فات.




وقف كل منا في نهاية طابور طويل في ميدان التحرير في انتظار سيارات

الميكروباص.. التف الطابور والتوي وما عاد يري أحدنا الأخر.




انزويت في حجرتي.. تكورت علي نفسي.. اجتررت ما حدث ألف مرة.. طوابير..

لعب كرة.. مماطلة.. جنون.. تشرد.. زحام.




واجتررته ألف مرة بالعكس أحلام مرتعشة.. أصابع خائفة.. بساط أخضر مهترئ..

مياه نهر تجهل المصب..و.. سبع سنوات.. شعرت بالاختناق.. الاختناق.. لو كنت

لم أولد.











07 ديسمبر 2009

أمن أجل فاروق حسنى









هذه الضجة الكبرى علام



لماذا كل هذه الضجة علي تصريح برأي قاله وزير الثقافة..؟



هذا سؤال طرحه عدد غير قليل سواء ممن يؤيدون الحجاب أو الرافضون له.

فالمؤيدون يقولون: إن وزير الثقافة ليس فقيها في الدين ورأيه ليس بذات أهمية،

 ورأيه غير مؤثر ، والمحجبات في تزايد، وكونه غير سعيد  بانتشاره فتكفيه التعاسة

 عقابا.



وأما الرافضون للحجاب فيقولون: وقع المحظور وانكشف المستور..

ولهثنا لكي نعرف ما هو المستور الذي انكشف فإذا به فخ نصبه القدر للجماعة

 المحظورة وهي في رأيهم جماعة قمعية لا تطيق الرأي الأخر..

وانحصرت القضية في وجهة نظر، ورأي آخر.


لا هذا ولا ذاك يا سادة، القضية الاساسية لهذه الضجة هي أن التي تلبس الحجاب

تعتقد أنه من الدين وأمر سماوي، وخالق الكون، وخالق الانسان هو الذي فرضه علي

المرأة ضمن دستور كامل، ومنهج تام ينظم اسلوب الحياة علي الأ رض، لم يخلق الله

الكون والانسان ويتركه سدي دون أن يرتب له حياته في جميع العلاقات والمعاملات،

والعبادات، وقد حرم الدين علي الانسان بعض من أنواع الطعام والشراب فمن باب

أولي أن يفرض عليه شكل اللباس.



فإذا جاء الوزير أو غيره وقال :



( إن هذا الزي الذي فرض علي المرأة المصرية لم يعد يناسب العصر!!) نقول له :

إنه فرض من الخالق الباريء المصور، وهنا يصبح الموضوع خارجا عن وجهة

النظر والرأي الآخر، وإنما يصبح تطاولا علي الذات الإلهية، وانتقاصا لقدرة الله

سبحانه لأنها عاجزه عن إدراك تطور العصر ففرضت زيا يصلح لعصر دون عصر.



" بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون"


(العنكبوت : 49)


وهو تعطيل لآية قرآنية واضحة الدلالة. " وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم):

 يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا"      (الفرقان: 30)


وهجر القرآن كما قال ابن القيم رحمه الله أنواع خمس:

 الأول: هجر سماعه والإيمان به.

والثاني: هجر العمل به وإن قرأه وآمن به.

 والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه.

 والرابع: هجر تدبره وتفهم معانيه.

 والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به من أمراض القلوب.



فإذا كان الوزير وغيره لم يداووا أمراض قلوبهم بالقرآن ويهجرون العمل به،

والتحاكم إليه في شئونهم فما لهم والآخر الذي يحكم القرآن في جميع حياته، فيتهم

بالتخلف والردة والجهل..... إلي آخر القائمة.



"فورب السموات والآرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"   ( الذريات: 23)

وكما قلت إن سبب الضجة ليس الاتهام بالتخلف، والردة، والجهل، ولكن التطاول علي

ذات الله والاستهزاء بما فرضه، والهجر للقرآن.. وما هو القرآن..؟


هو كلام الله عز وجل المنزل علي سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم)  بواسطة جبريل

عليه السلام، المتعبد بتلاوته، والمتحدي بأقصر سورة، المنقول إلينا نقلا متواترا.


وتقول الروايات إن القرآن نزل دفعة واحدة إلي السماء الدنيا لأنه كلام الله، وكلام الله

قديم غير مخلوق علي رأي، ثم نزل علي النبي (صلي الله عليه وسلم) منجما.

ونقول منجما حتي لا نقول مقطعا أو مفرقا، ومنجما جاءت من النجوم لعلو منزلته،

ولكن هناك من يجادل.


" وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة، كذلك لنثبت به فؤادك،

ورتلناه ترتيلا"      (الفرقان:32)



إذاً نزل القرآن منجما لعدة أسباب:


- تثبيت فؤاد النبي(صلي الله عليه وسلم)


- الرد علي أسئلة الصحابة (رضوان الله عليهم)


- موافاة الأحداث


- تيسيرا لحفظه.


- التدرج في التربية والتكاليف.


- ثم تجدد نزول الوحي.


فنقول للذين يرفضون آيات الحجاب معلقين ذلك علي فهم أسباب النزول بقولهم:


(فقد تدل ألفاظ الآية علي أن الحكم الذي تتضمنه حكما عاما في حين أننا لوعلمنا

سبب نزولها لأدركنا أنه حكم خاص متصل بقصة معينة أو بشخص معين)


***


نقول لهم فوائد معرفة أسباب النزول هي:


- معرفة حكمة الله تعالي علي التعيين فيما شرعه بالتنزيل.

 وفي ذلك نفع للمؤمن وغير المؤمن:

أما المؤمن فيحرص علي تنفيذ أحكام الله والعمل بكتابه.

 وأما الكافر فتسوقه الحكم الباهرة إلي الإيمان إن كان منصفا..!


- الاستعانة علي فهم الآية ودفع الاشكال عنها.. قال الواحدي:


( لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف علي قصتها وبيان نزولها)


- وقال ابن تيمية:


(سبب النزول يعين علي فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب)


- تخصيص الحكم بالسبب عند من يري أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ،

مثل آيات الظهار، فبديهي أنه لا يمكن معرفة المقصود ولا القياس عليه إلا إذا علم

السبب.


- معرفة أن سبب النزول غير خارج عن حكم الآية إذا ورد مخصص لها، وذلك لقيام

الاجماع علي أن حكم السبب باق قطعا.


- معرفة من نزلت فيه الآية علي التعيين، حتي لا يشتبه بغيره فيتهم البريء.


- تيسير الحفظ والفهم، وتثبيت الوحي في ذهن كل من يسمع الآية إذا عرف سببها.قال تعالي:


"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما

ظهر منها، وليضربن بخمرهن علي جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن

أوأبائهن، أو أباء بعولتهن، أو أبناء بعولتهن، أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني

أخواتهن، أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن، أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو

الطفل الذين لم يظهروا علي عورات النساء، ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من

زينتهن، وتوبوا إلي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم ترحمون"   ( النور:31)


** *
في هذه الآية سبعة أوامر:

 أولا: غض البصر، ثانيا حفظ الفرج، ثالثا: الاقتصار علي الزينة الظاهرة،

رابعا: اسدال الخمار علي الجيوب،

خامسا: تحديد المحارم المطلعون علي زينة النساء،

سادسا: عدم الضرب بالأرجل للفت الأنظار،

سابعا: التوبة إلي الله عما سلف.


فكيف بالله نأتي لآية واحدة ونحذف من وسط هذه الأوامر أمرا واحدا فقط

خاصا بلزوم تغطية شعر المرأة..!!


فكلمة بخمرهن لمن تتكلم العربية دليل علي لزوم الغطاء للرأس، أي أن الأصل هو

تغطية الشعر، والآية تفرض أن الشعر عليه خمار بالضرورة، وفقط تطلب أن المرأة

تغطي بهذا الخمار فتحة الصدر..! وهذا هو الدليل علي وجوب تغطية الرأس.


***


وسبحان الله لقد أمر الله بغض البصر وضرب الخمار في سطر واحد، فهما معنيان

متلازمان، وأيم الله لا نجد رجلا يغض بصره عن امرأة سافرة أبدا وإنما يغض بصره

بالفعل عن – وهذه من آيات الله سبحانه- عن الملتزمة بأمر دينها، فكيف نطلب من

رجل أوشاب يقف أمام امرأة كاشفة عن شعرها وصدرها وذراعيها وساقيها ونطلب

منه أن يغض بصره..؟!


***


ولشدة التأكيد علي ضرورة الالتزام بما جاء في سورتي:

(النور والاحزاب) نجد قوله سبحانه وتعالي:


" سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تفلحون" ( النور:1)


" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذ ا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من

أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلال مبينا" ( الأحزاب:36)


وإذا كان الخوف من اتخاذ بعض الفقهاء تلك الآيات ذريعة للإفتاء بالحجرعلي النساء،

وغالوا في ذلك فمنهم من أفتي بتغطية بدن المرأة كلها إلا عينا واحدة،

ومنهم من أفتي بستر جميع بدن المرأة بما في ذلك الوجه والكفين والقدمين(الحنابلة)

ومنهم من رأي أن قدمي المرأة ليستا عورة عملا بمبدأ "الابتلاء بالابداء"( أبو

حنيفة)


فهكذا النفوس المؤمنة منها ما تأخذ نفسها بالشدة، ومنها ما تميل إلي الاعتدال،

وكلها مثابة علي اجتهادها بإذن الله، ولكن من منهم أفتي بإظهار الشعر الذي هو

موضوع خلافنا..؟!


ومن منهم أفتي بأن الآية الكريمة كانت لتيسير خروج المرأة في الصحراء؛

 (لقضاء حاجتها وكفي) ومن جرؤ وقال:

 وقد نسخ هذا الحكم بوجود دورات مياه في البيوت.


والمعروف أن الآية تنسخ بآية، وفي زمن نزول الآيات، لا برأي يقول: لم يكن هناك

دورات مياه في البيوت، فهذه سخرية من كلام رب العزة، وهذا اجتهاد يتوقف علي نية

صاحبه وهو غير ملزم لمن يتق الله ورسوله.


ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين" ( الاحزاب:24)


فإذا قال البعض بتغطية بدن المرأة كله, إلا عينا واحدة، وأرادت بعض النساء الأخذ به

سدا للذرائع فلها حريتها.

وإذا قال البعض بإبداء الوجه والكفين والقدمين وأرادت بعض النساء الأخذ به تيسيرا

فلا بأس عليها. أما أن نرفض هذا وذاك ونبتر الآية فهذا يقع تحت قوله تعالي:


"أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" (البقرة:85)


الكتاب كله في قلبي، الكتاب كله علي رأسي، أما أن نأخذ بعضه ونترك بعضه فسوف

يؤدي هذا التهاون إلي ترك الباقي وتعطيل كلام الله والأخذ بكلام البشر الذي هو

بالضرورة قاصر عن إدراك الحكمة.


***


أما القول: إن الاسلام لم يبتدع الخمار ولم يبتكر الجلباب وكان من العادات السائدة

قبل الاسلام فهذا صحيح:


- وشرب الخمر أيضا كان من العادات السائدة قبل الاسلام وحرمها الله سبحانه

وسالت الخمر في الطرقات أنهارا.


- والتعامل بالربا أيضا كان سائدا، وهو من معاملات الناس اليومية، وحرمها الله

وامتنع الناس في الحال عن التعامل بالربا.


- وكان طلاق الرجل للمرأة وارجاعها دون رضاها إلي مالا نهاية وقننه الاسلام بثلاث

فقط  وامتثل الناس في الحال.


- وكان للرجل أن يتزوج ما شاء له من النساء بلا عدد وحدده الاسلام بأربع فقط،

وطلق من كان متزوجا بأكثر من أربع ما زاد .


- وكانت عادة التبني سائدة ومعترف بها، وقال الاسلام ادعوهم لأبائهم

وفي الحال غير الناس أسماء أدعيائهم .


- وكانت هناك عادة وئد البنات، وحرمها الله .


- كل هذا تم تنفيذه في الحال فور نزول الأمر.


- وكذلك الخمار (غطاء الشعر) كان سائدا قبل الاسلام لكن الله سبحانه لم يلغه مثل

بعض ما كان سائدا وتم إلغاؤه بل أقره ونظمه بما يضمن له أن يكون أكثر سترا وذلك

بلفه علي الصدر. حتي النساء عندما نزلت الآيات كن يقطعن من ثيابهن ويضعن علي

رؤسهن.. فأي غموض في هذا الكلام المبين..!!

***


- أما القول بأن القدامي فهموا أيات القرآن الكريم وفق مفاهيم عصرهم فهذا هو الفهم

الأصح الذي نأخذ به حيث كان القرآن ينزل ويفسر في حينه، ويعمل به في التو..


- قال (صلي الله عليه وسلم): " خير القرون قرني هذا ثم الذي يليه ثم الذي يليه"


- فقد كان القرآن ينزل والنبي فيهم، ونحن إذا حزبنا أمر آتينا بأمهات الكتب لنعرف ما

هو حكم الدين من خلال ما قاله المفسرون الأوائل، فما بالنا بآية نزلت بصيغة الأمر

"قل" ولمن؟ للنبى (صلى الله عليه وسلم)


وكون الخمار مختص بالحرائر دون الإماء وقولهم:

 وكان عمر رضي الله عنه إذا رأي أمة تختمر ضربها"

فنقول هذا لأن ظروف المجتمع كان بها إماء وحرائر، وسبب هذا التفسير لأن التطور

الطبيعي والتحضر الطبيعي الذي ينشده الله ورسوله هو أن تتحرر الإماء وإذا صارت

الأمة حرة تحجبت.. لماذا..؟


***


لأنها لم تعد سلعة حيث إنها وهي أمة كانت تخدم أسيادها وترفه عنهم، وترقص في

المحافل، وتباع في الأسواق، وجسدها  سلعتها، وكل هذا يستدعي العري حتي يجد

الشاري ما يشجعه علي دفع الثمن.

 وإذا لم نجد اللآن إماء وحرائر فهل تخيرتم لنا زي الإماء..؟! وإذا لم يعد هناك إماء

وحرائر فهناك مسلمة وغير مسلمة ولكل منهما زي يميزها، وهذا هو زي المسلمة،

فكوني متميزة أيتها المسلمة، فالذي اختار لك زيك هو رب العزة مالك يوم الدين،

وليس ملوك الموضة، وبيوت الأزياء اليهودية.


بالمناسبة في حوار مع وزير الثقافة في مجلة المصور بخصوص الرأي الذي أعلنه

عن الحجاب قال بالنص:

(لا أحب أن أري الغزو الثقافي من دول أخري تغزونا وتخترقنا كما يحدث حاليا،

وأعتقد أن الحجاب ظهر وانتشر بعد حرب أكتوبر 1973م وهجرة آلاف المصريين إلي

دول الخليج وعودتهم إلي مصر بالثقافة الكاملة لهذه الدول)


- الوزير الفنان يرفض زيا يأتينا من دول الخليج ويقبل زيا يأتينا من أوروبا

وإسرائيل..!


***


- أما القول: هل تستطيع قطعة نسيج أن تحمي شرف المرأة وتجبرها علي العفة..؟!


- فنعم.. فقطع النسيج هى ما نلبس فنحن نستر أجسادنا بقطع النسيج، فنجعله كثيفا

في الشتاء خفيفا في الصيف، مناسبا في الربيع، فقط وضعه علي الرأس هو الذي

يؤذينا ويفعل الأفاعيل، وأؤكد لكم أن قطعة نسيج علي الرأس تجبر المرأة فعلا علي

التزام الوقار والحذر، وتجعل الذي في قلبه مرض يتردد ألف مرة ولا يجتريء، فإن

أخطأت كانت سريعة التوبة من أجل تلك القطعة، وإن أخطأت ردها الأخرون: كيف

تفعلين ذلك وأنت محجبة.


***


والتي تسأل عن عقاب شرعي صريح لمن تظهر شعرها نقول لها:


- كلمة خمرهن في اللغة العربية تعني غطاء الرأس.. !!

وما دام توجد أية تأمر بضرب الخمار علي الصدر فالتي لم تلتزم بتغطية رأسها

وجيبها تعصي الله ورسوله.


"ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا" (الجن:23)


- وهذا هو عقاب التي لا تغطي شعرها.


- أما الذين يقضون أعمارهم ولا عمل لهم إلا كشف ستر الأخرين فهؤلاء هم

الأخسرين أعمالا وقد ضاع عمرهم سدي.


- قال تعالي:


" قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون

أنهم يحسنون صنعا، أؤلئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم

لهم يوم القيامة وزنا، ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا"


( الكهف:103-106)


يظل الانسان يسعي في هذه الدنيا ويكافح ويتعب، وينادي بمباديء خاطئة، وهو يظن

أنه يحسن صنعا ثم يفاجأ والعياذ بالله بأنه من الأخسرين أعمالا.


***


وهل هناك خسارة أكثر من تضييع الوقت في اقناع المحتشمة بالتبرج، وها هو الرجل

يلبس فوق رأسه العمامة، والطاقية والبرنيطة، أما الرجل السعودي والخليجي وحتي

الآن يغطي رأسه بالغترة والعقال، ولم نجد الاعتراضات التي نجدها علي إيشارب

تضعه المرأة علي رأسها، ولم تهب الدعوات تنادي الرجل العربي بخلع غطاء رأسه ..

لماذا..؟!


المرأة هي المقصودة بالتخريب لكي تنهار الأسرة المسلمة، ويتفكك المجتمع..لماذا..؟


لأن غترة الرجل من العرف والعادات يلبسها بمزاجه وليس بأمر ديني، أما خمار

المرأة فمن العبادات والطاعات، فيصنع الغرب للرجل غطاء رأسه بنفسه ويبيعه له،

ويرفع عن المرأة غطاء رأسها.


وإذا كان الحجاب من المتشابهات – وهذا غير صحيح- فالقاعدة الفقهية تقول :


دع ما يريبك لما لا يريبك، فما بالنا إذا جاء بنص واضح وصريح بصيغة الأمر..!!


نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لمرضاته، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون

أحسنه، وقبل أن ننسي فالذي تحاربونه هو رب العالمين، والاثم ما حاك في الصدر..!!




يا ليتنا إذا متنا تركنا                 لكان الموت غاية كل حي

ولكنا إذا متنا بعثنا                   ونسأل بعده عن كل شيء