28 نوفمبر 2011

آمنت بالله



ظننته في البداية غباءً، كيف يتكرر الفعل والقول ولا استفادة على الإطلاق من المواقف السابقة عليهم، والمتكررة في مشهد الثورات هنا وهناك
ثم ظننته عدم حنكة وخبرة بالسياسة، و أن أخطاءهم بلا نية مبيتة أو مؤامرة تحاك
ولكن الحقيقة الواضحة هي أنهم يمشون في طريق أراده الله لهم، لا يجنون من ورائه سوى الخزي والعار والنهاية المأساوية، كل بما يستحق؛ مبارك كانت عنده الفرصة في بداية الثورة أن يجري إصلاحات طفيفة يمتص بها غضب الناس، فيعودون بالأمل إلى منازلهم.  فلم تكن مطالبهم سوى حرية وعدالة اجتماعية، ولكنها إرادة الله أن يعاقبه بالبطء وقلة الرأي ومحاولة التعمية، فزادت المطالب؛ حتى قالت الثورة كلمتها الفاصلة" ارحـــل"
والمجلس العسكري - وهو غير الجيش - جاءته فرصة من السماء ليدير شئون البلاد، وأخذ أكثر من فرصة، وأكثر من الوقت المفروض، فلم يسعفه الوقت، تبعًا لميراث البطء، ولم يسعفه العقل تبعًا لتحجره، ولم تسعفه الرغبة الصادقة في تحقيق غايات الثورة؛ لأنها غير موجودة، وليس له هم سوى محاولة "تستيف" الأمور على مزاجه، وبما يضمن له الهيمنة الكاملة، وإطالة مدة بقائه، مدونًا كل هذا فيما يسمى وثيقة السلمي، فقامت ضده الثورة الثانية
وكانت أمامه أيضًا الفرصة ليستوعبها من بدايتها، فلم تكن المطالب سوى رفض وثيقة السلمي، وتحديد موعد زمني لنقل السلطة، ولكن الصلف العسكري أوقعهم فيما وقع فيه السابقون، وكأن السطر الذي يكتب في صفحات التاريخ يمحى قبل أن يقرأ وتعود الصفحات بيضاء خاوية. و أخيرًا بيان المشير الذي جاء متأخرًا كعادة بياناتهم، وجاء جافًا خاويًا من الروح ومن الصدق كعادة قلوبهم، وجاء متعاليًا مذكرًا بالأفضال والمنة على الشعب كعادة لئيمهم
متأخرًا لأنه كان يكتب وينقح ويحذف منه ما يمس القلب ويثلج الصدر، ويضع فيه ما يحمر العين ويكشر الناب، ملوحًا بالعصا و دون الجزرة. أهم ما استوقفني في الخطاب هو الحرص على بناء الأمن وإعادة قوته، وهو الذي كان قد فقد قدرته على الحماية، والحقيقة أنني أشهد لهم بالنجاح في إعادة بناء قوة الأمن؛ فقد سلحه بذخيرة أكثر فتكًا، واستورد له من إسرائيل مبيدًا مدمرًا للأعصاب، يصيب بالإرهاق والعته

وأطلق يده في ثوار يعتقد أن له عندهم ثأر إهدار الكرامة، من هزيمتهم السابقة في 28 يناير، وانسحابهم مخذولين، وفي البلطجية العوض عنهم
المشير يقرأ من جهاز بكلمات محضرة، عسكرية صرفة، ولا يقرأ من قلبه وعاطفته حزينًا مما وقع من أحداث بينة، لماذا لم يخرج على الشعب والثوار ويكلمهم بلغتهم؟" أعتذر عما حدث"، و أنه سيعاقب المتسبب، ومن الآن تنسحب الشرطة من الميدان، و"تفضلوا بتسلم السلطة فليس لنا طمعًا فيها، وقد ثبت فشلنا"؟ قد يقول قائل إن ما تقولين يصلح لافتات للمدينة الفاضلة التي لا تحدث إلا في الأحلام، وقد يقول قائل لم يفعل ذلك لأنه طامع في السلطة، ولأنه المستورد من العدو المبيد البشري، وهو الذي أعطى الأوامر أو على الأقل لم يستنكرها، وقد يقول وقد يقول... ولكن لي رأي آخر، هو تخطيط رباني، لكي يصعد الغث فيُجتث، مخطيءٌ من يظن أن الثورات العربية جميعها قامت ضد الحاكم بشخصه، و ترغب تغيير الوجوه، لا، هي ضد الجهل والغباء، ضد الظلم وصناعة التابعين المضللين، والملاحظ ارتفاع مستوى التوعية عند الشعب، وقدرة الكثيرين على فهم الأمور وما يدور حولهم، وتحليل الأحداث، والمشاركة الإيجابية، ولو بالكلمة، كل هذا ما كان لينكشف لولا الثورات التي بدورها أفرزت الرجال القادرين على الاعتراض، والتصدي بصدورهم مقابل المبدأ والهدف. أما الأشخاص؛ فيرديهم الله بأفعالهم. يتجبر زين العابدين بن علي فيفر كالنعاج، يتحكم حسني مبارك وحكومته فتتلقفهم السجون ويحاكمون، يتعالى القذافي ويصف شعبه بالجرذان فيمسك من جحر الجرذان، يشير ابنه بإصبعه مهددًا فيقطعه له الثوار، يشعلها علي عبد الله صالح فيحرق ويشوه مرحلة أولى، مصير بشار الأسد بات قاب قوسين أو أدنى... فهل من معتبر يعلم أنه يؤخذ بقدرة الله لا بقوة
قمعه!!

27 أكتوبر 2011

العنصر الأبهى



وَعَادَ الْعُنْصُرُ الأَبْهَى= يَصُبُّ حَنِينَهُ صَبَّا

يُزَغْرِدُ فِي شَرَايِينِي = وَمِنْ إِغْفَائِهِ هَبَّا 

وَرَفَّ الْقَلْبُ عُصْفُورًا = عَلَى أَطْرَافِهِ شَبَّا

عَلَى لَحْنٍ لَهُ غَنَّى = عَلَى وَتَرِ الْمُنَى صَبَّا

****
وَعَادَتْ لَمْعَةٌ تُضْوِي = تَكُبُّ شُعَاعَهَا كَبَّا

 تُضِيءُ سَبيلَ غُرْبَتِنَا = وَفِي أَنْحَائِهِ دَبَّا

 وَتَأْبَى أَنْ يَغِيبَ سَنًى = وَعِنْدَ نِدَائِه لَبَّـى

وَلَوْ تَدْعُو إِلَى دعَةٍ = مَوَارٌ فِي دَمِي يَأْبَى

****

يَلُفُّ الْجِسْمَ تَيَّارٌ = من الْوِجْدَانِ مُنْصَبَّا

يَرُوحُ يُشَكِّلُ الْأَحْلا = مَ مِنْ أَفْرَاحِهِا عَبَّا

 لَهِيبُ هَوَاهُ مُنْسَكِبٌ = وَسُبْحَانَ الَّذِي نَبَّا

فَفِي يَدِهِ يُقَلِّبُنَا = حَنَاناً مِنْكَ يَا رَبَّا

****

لكل نهاية يستحقها



جاءت نهاية القذافي الأسوأ في الربيع العربي، ولم تأخذ الثوارَ به شفقةٌ ولا رحمة، وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض، وبين بين، ووقفتُ متأملة قدرة الله بحياد دون شماتة ولا أسف؛ ولكن ما أدهشني أن موقعًا أجرى استطلاعًا للرأي يقول:
شاركنا برأيك في هذا الموضوع المهم: هل معمر القذافى مات شهيدًا؟!
ودعمها بملاحظة: على الجميع احترام وجهات نظر الآخرين.
– نعم.
- لا.
- لا أهتم والله أعلم.
هل هو سؤال محير أم بدَهي: هل القذافي مات شهيدًا؟!
الغريب أن معظم الإجابات قالت بأنه شهيد، والتبرير أنه مات على أرض وطنه، وأنه مات بعد قصف الناتو، ومن قال: إنها مؤامرة عربية إيرانية غربية لتصفية القومية، وكثيرون أيضًا قالوا: الله أعلم وطلبوا له الرحمة، والقليل من قال: ليس شهيدا؛ بل هو مجرم مختبئ، قتَّل في شعبه؛ أطفالا ونساء وشيوخًا.
وجاء أحدهم بعبارة: لا أحد له الحق في التعليق سوى الشعب الليبي.
وقال آخر: ارتحت للقتل، ولم أرتاح للطريقة.
أما ما أخرجني عن حيادي، فهو قول أحدهم: الله أعلم به، هل نقدر أن نحدد الشهيد؟!
فقلت: لكننا نقدر أن نحدد غير الشهيد، يستأجر المرتزقة ليقتل شعبه، ونقول شهيدًا؟!
سفك، وسرق، وسحل، واستحل التبنِّي، وحرَّف القرآن، وأنكر الحجاب، ونقول شهيدًا؟!
شنق الطلاب في الجامعة، وقتل في يوم واحد 1200 سجين سياسي، أنفق أموال الشعب في قتل المعارضين في الخارج أو جلبهم للداخل ليتشفى في قتلهم ونقول شهيدًا؟!
هذا غير قصة حارساته الماجدات وما اكتنفها من القيل والقال، ويدَّعي الفقه والإسلام، ونقول شهيدًا؟!
تعمَّد أن يفقر شعبه ويجهِّله ليضمن سيطرته، وترك أموال ليبيا الغنية في أيدي أولاده ينفقونها على ملذاتهم المحرمة، ونقول شهيدًا؟!
أما لمن قال: ولم أرتاح للطريقة فأقول: لكلٍّ نهاية يستحقُّها، وما أخرجه الله من قصره ليميته في جُحر الجرذان إلا لأنه يستحق.

30 أغسطس 2011

أيوه كده يا شباب يا جميل



أيوه كده يا شباب يا جميل

ياللي قاعد لنا في التحرير

ارفع صوتك علي كمان

واطلب حقك في التغيير

***



أيوه كده يا شباب متعلم


عبر عن رأيك واتكلم


لما الليل بجناحه يغيم


شد الفجر وصحي الطير

أيوه كده ياشباب ياجميل

***


دولة ظلمك ساعه وعدت

لما الشعب انتفض وهدد

حقي الضايع فينه ياسيد

ثورة وجاءت بالتطهير

أيوه كده ياشباب ياجميل

***


أيوه كده يا شباب محروس

ياللي ادتنا دروس في دروس

شد العزم ياللا ودوس


واوعى تصدق حقد أجير

أيوه كده ياشباب ياجميل

***


حقك ضايع طالب بيه

والمستقبل احلم بيه

واللي زرعته ف يوم تلاقيه

ورد محبة وجنة خير

أيوه كده ياشباب ياجميل

***

عفريت وانترنت.. وأحكم البلد





في سوق عكاظ الذي يفرز لنا في كل يوم مرشحا لرئاسة مصر أفرز أيضا منتقدين لهذا السباق المحموم.. فظهر شاعر عامية يدعى محمد فوزي اسكندراني في مقطع فيديو كاريكاتوري يضع أمامه علب العصائر الكثيرة على أنها ميكرفونات فضائيات وأخذ يتكلم عن رغبته في الترشح بناء عن رغبة ستة من أصدقائه ولأنه خالي شغل بعد أن فشل في عدة أعمال فوجد أن يرشح نفسه أفضل، وعن برنامجه الانتخابي هو رغيف حواوشي لكل مواطن، ومن رأيه توفير العلاج عن طريق القتل الرحيم ، وشعاره المتهم بريء حتى تقوم قيامته.


ثم ظهرت فتاة تدعى سلمى الدالي طالبة ماجستير أيضا في مقطع فيديو تشرح رغبتها في الترشح من أجل المليون جنيه التي تصرف للمرشح.. بل رشحت مسبقا ثلاثة وزراء وطمعت وهى رئيس الجمهورية في وزارة الاعلام.


وبالنسبة لمحدودى الدخل تقول سلمى «هبعتلهم رغيف العيش مجاناً.. وسعيد الحظ اللى هيلاقى أول خمس زلطات هيكون من نصيبه أنبوبة.. وثانى خمس زلطات إذا كان محظوظاً هأمر بملء الأنبوبة.. وإذا كان مرزقاً جدا كعادة محدودى الدخل فى مصر ووجد ثالث خمس زلطات.. هأديله وابور جاز وأخذ الأنبوبة.


وأخيرا حسام العريان المحامي الذي يقول: من أجلكم ومن أجل مصر سارشح نفسي لرئاسة الجمهورية ويقول: لا يلومني أحد إن فكرت في ذلك فلقد أصبح الطريق مفتوحا أمام الجميع والحمد لله لن يكون للوساطة دور في اختيار الرئيس ولن يكون هناك محسوبية او اختبارات في غرف مغلقة أو حتى دفع رشوة.واعتبر أن حسابه على الفيس بوك والتويتر يكفيان ليحققا له الفوز


والبرنامج الرئاسي لهذا المرشح سهل ومبتكر في ذات الوقت ويتكون من كلمتين ..الأولى سيكلف بها حكومته وهى البحث عن مصباح علاء الدين لكي يحقق لنا العفريت كل ما نتمناه بدون تعب.الكلمة الثانية سيكلف بها علماء الكيمياء بتصنيع طاقية الأخفاء لكل مواطن وهذه الطاقية لها استخدام واحد فقط هو اخفاء الشعب المصري فى حال التعرض لهجمات عدائية من إسرائيل أو أمريكا.. فهو يرى أننا أهلكنا القيادة المسلحة وربما لن تكون قادرة على حماية مصر.


أعجبت بهذا المرشح وهذا الاعجاب لم يدفعني لإعطائه صوتي بل شجعني على التقدم للترشح والاستفادة من برنامجه الانتخابي وبما أن كل برامج المرشحين مستفيدة من بعضها البعض سطر من هنا وفقرة من هناك يتكون لدي البرنامج المطلوب وأكون جاهزة للتقدم.. وثمة شيء آخر شجعني على الترشح وهو ما سأرد به على من يثبطون من عزيمتي بقولهم أن شغلة الرئيس مهمة صعبة وقد لا أقدر عليها وهو أنني لن أتعب في شيء فالتقنيات الحديثة التي سهلت لنا الحياة لابد أن تكون أيضا وسيلة لتسهيل مهمة الرئيس.. سأدير البلد من بيتنا وأنا مستريحة على الأريكة بالانترنت، فليهنأ حزب الكنبة.

أحمد الشحات.. علم أسقط علما



ظل قلبي يرجف وأنا أشاهد الحشود تتجمع من كل محافظات مصر وتتجه


نحو سفارة العدو الصهيوني.


ليست المرة الأولى التي يردي فيها عدونا جنود حدودنا، وليست المرة الأولى التي تخرج فيها المظاهرات مطالبة بحق هؤلاء الجنود الذين يحمون لنا الحدود .. ولكن النظام الفاشي الغادر المتواطيء كان دائما يجهض الثورات في رحمها، ويعود الثوار إلى منازلهم بمزيد من الغليان وكثير من الخيبة لم تشف صدورهم،


لكنها المرة الأولى التي يخرج فيها الشباب مشبعا بروح الثورة التي ولدت منذ شهور، محملين بغليان السنين، يجهرون بشعارات حراقة براقة


حداقة لا فيها مواربة ولا مجاملة ولا شبهة خوف على النفس لذلك كان قلبي يرجف، فهناك الجيش الباسل الذي حمى الثورة، لا ندري كيف يقابل رجاله هذا التجمع الغفير، وهذا القصد الكبير، وكيف يكون رد الفعل والهتاف يقول:


"طرد السفير أو رحيل المشير"


تجمع الشباب والشيوخ أمام السفارة يهتفون طوال ليل الجمعة وجاء وقت السحور فجلسوا يتناولون طعامهم ناوين الصيام ليس فقط عن الطعام، بل عن أي مساومة تبعدهم عن هدفهم "الثأر" وهم مصرون،


واصطفوا جميعا لصلاة الفجر في مشهد مهيب وبديع ثلاثين ألفا أو يزيدون، مشهد أنزل دموع الفرح من عيني، وأحيا في وجداني شعورا بالعزة والكرامة يعود لوطني،


الله عليك يا شباب مصر الحلو الذي يذهل العالم في كل وقت، بعدما نفضتم غبار السنين العجاف التي مضت بدون رجعة.


ثم ماذا أيها العدو الصهيوني؟ ثم التصميم الذي ليس له بديل، لو رفعتم علمكم رمز الغدر والصفاقة عاليا عاليا أكثر من الثمانية عشر دورا التى قبع عندها.. هناك الإرادة القادرة على إنزاله من عليائه وتمزيقه وإحراقه،


هناك شاب جسور طموح بائع روحه من أجل لحظة جمال يهبها لوطنه هاهو يتسلق في الظلام من بناية لبناية غير هياب ولا متردد يعرف جيدا هدفه كما يعرف كل الاحتمالات دونه، لكنه متأكد أنه لو سقط فألف غيره سيفعلون وسينجحون.


أحمد الشحات، أنت العلم حين أنزلت علم الغدر والصفاقة.


أحمد الشحات، اسم ذكرني بمنتظر الزيدي اليطل العراقي الذي ضرب الرجل الأحمق في العالم بالحذاء.


هاهو أحمد الشحات يضرب دولة الجبابرة بالحذاء أو قل يضربها على قفاها ليثبت لهم شدة تغفيلهم، لكي يفوقوا ويعرفوا أنهم أمام جيل جديد مختلف ليس لهم به طاقة.


أحمد الشحات النقاش، نقش اسمه على جبين التاريخ وسجل معه بسالة جيشنا الحبيب الذي أعطاه في الخفاء الأمان كي ينجز مهمته ثم وعد بعدم المساس به.

21 يونيو 2011

هابيل سامحك الله


منطق القوة: هو المنطق المسيطر على الدنيا منذ أن خلقها الله، ومنطق الجبروت هو منطقها السائد بالفطرة، وصاحب القوة والجبروت هو من يحترمه الآخرون ويتمنون أن يكونوا مثله،
لا أدري لماذا كلما تأملت حال الأمة العربية اليوم ألقي باللوم على هابيل، أتخيلنا من نسله، أليس هو من قال لأخيه:




"لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك"



ماذا كانت النتيجة؟! قتله قابيل!! مات هابيل ميتة شنعاء!!
وسال دمه على أرض الدنيا لأول مرة، فتذوقته وعشقت طعمه، ومن يومها وهى لا تشبع منه، ولم ترتو رغم كثرة تدفقه عليها.


لا تقل: مات مظلوما، مات متسامحا، المهم أنه مات مقتولا، وبلا دفاع عن نفسه..
 لقد حسمها الناس منذ الأزل.. صاحب القوة والجبروت هو الذي يحترمه الآخرون ويتمنون أن يكونوا مثله، والدليل أنك لا تجد من سمى ابنه باسم "هابيل" ولكنهم يسمون "قابيل".. رغم أن قابيل هو القاتل، هو الجبار،
وهابيل هو الذي لم يقاوم القوة والجبروت، هو محل استهانة حتى المؤمنين بالحديث: ((إِذَا كَانَتِ الْفِتْنَةُ فَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ))،
لا يتسمون باسمه ولا يتمنونه لأبنائهم..
حسمها العالم ومحو اسمه ولكنهم ورثوا ضعفه.



والسؤال الذي يطرح نفسه كما يقولون:


هل نحن العرب أبناء هابيل، وهم أبناء قابيل، توصلت لهذه المعلومة من جراء حال العرب وما يجري في فلسطين، وما جرى في العراق.. رأيتنا ننتهج نهج هابيل فلا نمد يدا ندافع بها عن أنفسنا.. عن عزتنا.. عن كرامتنا.

لماذا نتمثل بموقف هابيل في عدم الدفاع عن نفسه أمام أخيه بعد أن رأيناه مقتولا وممثلا به، ونعيد التاريخ فنشهد أنفسنا مقتولين وممثلا بنا، ونعلم أن هذا الضعف الذي يلفُّنا ويطمع فينا عدونا أكثر، ويشجعه على مزيد من البطش بنا، ليس هذا فحسب، بل يمارس القوة والجبروت فينا وهو يحتقرنا.


ويا للعجب! نظل به معجبين؛ لأن طبيعة البشر هى أن تعجب بالقوة، وتلتمع أعيننا غبطة لصاحبها حتى لو كانت من عدونا وكانت قوة ظالمة وقلبًا للحقائق، كأن يسمَّى التضحية بالنفس إرهابا، ويسمى المحتل الغاصب داعي سلام ومنقذًا، ولو سمى الدمار والنهب والسلب تحريرًا، وحتى لو سالت دماؤنا، وحاصر بلادنا وأجاع أبناءنا، حتى لو فتش بيوتنا بحثا عن أسلحة يراها حراما علينا حلالا له،

يكفي أن يمتلكها هو، من حقه وحده مادام قادرا على الظلم.. ومادمنا قادرين على الضعف..
أو ما يسمونه ضبط النفس، مادمنا قادرين على إسكات صوت الاعتراض، مادام ليس لنا رغبة في أن نمد أيدينا للدفاع عن كرامتنا وحرماتنا، ورضينا أن نكون أبناء هابيل في حين أن الواجب رفض هذا الهابيل ورفض مصيره صائحين: هابيل سامحك الله.



فالدفاع عن النفس حق مكفول للجميع تمليه الفطرة السليمة.. قال تعالى:


" إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا"(النساء:97)



هؤلاء المستضعفون وُصفوا بظالمي أنفسهم، ومأواهم جهنم، هذا وصف الله لهم، وهذا هو مصيرهم عنده، لماذا؟ لأنهم لم يدافعوا عن أنفسهم ولم يستغلوا أرض الله الواسعة فيهاجروا فيها،
وقد كانت أرض الله أوسع ما تكون أمام هابيل الكسول ولكنه لم يذهب،
ولم يمد يده ليدفع الشر عن نفسه.. وأرض الله ليست ضائقة علينا اليوم،
ففي إمكاننا أن نرفع حدودها الوهمية التي وضعها أبناء قابيل من منطق "فرق بل فتت تسد" بينما راحوا هم ينضمون ويتكتلون في تجمعات، واتحادات وولايات ما الحيلة ونحن أبناء هابيل والاسم لم يأت من فراغ فوصفه القاموس هكذا:


هابيل من هبُل وهبل فلان هبلا: فقد عقله وتميزه، فقد عقله وتميزه فهو هابل وهى هابلة.



أما قابيل فمن قبُل: وتعني كفله وضمه، وتعني القبول والمواجهة، وتعني قابله بوجهه.


لقد وضعت اللغة بهذا الشكل لتصف تصرف هابيل بأنه تصرف فاقد العقل والتمييز، وتصرف قابيل بأنه تصرف المواجه والمقدام .

هذه الصورة التي كانت في ذهني طوال الوقت، وكانت خشيتي أن تستمر لنهاية العمر.. والشعوب في سباتها الطويل واستسلامها لا تبشر بأمل
 و(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. وكان الحل هو التوجه إلى الله،
فتقرب إليه الكثيرون فرادى ومجتمعين، وشحنوا نفوسهم بقوة الإيمان كما شحنوها بالرفض لهابيل ولنهايته المأساوية فهذا ضد الفطرة، وضد الكرامة، هل سنظل هكذا نناقش قضية..
هل يعد تصرف هابيل انتحارا أم استشهادا؟!!


كان الخوف أن ننتظر حتى نحلل الموقف ونضع له تعريفا مناسبا يرضي أبناء العم قابيل فتكون فلسطين، سوريا، لبنان، ايران، مصر، السعودية، وباقي الدول العربية دفنت جميعا بغراب أسود كما دفن هابيل والعراق.






ولكن الله لم يرد هذه النهاية لأمة توحد باسمه.. ألهم الشعوب بشبابها الحر بالثورة في وجه الظلم، ثاروا ولايزالون يثورون، يحررون وطنهم الكبير دولة بعد دولة في محاولة لتغيير أنفسهم أولا، ثم مواجهة قابيل، بهابيل جديد لا يرضى أن يقف مكتوف الأيدي..






.

15 مايو 2011

في الهم شرق







عَلَىَ “شَوْقِي” مِنَ الرَّحَمَاتِ دَفْقُ = فإنا "كُلُّنَا فِي الْهَمِّ شَرْقُ"






لَقَدْ زَادَتْ هُمُومُ الشَّرْقِ حَتَّى= تَكَدَّرَ لَيْلُنَا والصُّبْحُ طَبْقُ






تَلَبَّسَتِ الْخَفَافِشُ كُلَّ حَيٍّ = وَزَادَ فَحِيحُ أَضْعَفِهَمْ وَنَقُّ!!






وَعِشْنَا فِي نِظَامٍ لا يُبَارَى= وَسِيمَا الظُّلْمِ عُنْوَانٌ وَعِشْقُ






تَجَمَّعَ فِي الزَّمَانِ طُغَاةُ إنْسٍ = أَشَاعُوا الذُّعْرَ، مَا لِلْقَهْرِ نُطْقُ!










رَضِينَا بِالْمُلُوكِ تَعِيثُ ظُلْمًا = وَشَقُّ الطَّاعَةِ الْعَمْيَاءِ عَقُّ






وَأَنَّ الْحَادِثَاتِ إِذَا ادْلَهَمَّتْ = أبَانتْ فَتْقَ مَا يُخْفِيهِ رَتْقُ






أَتُنْسِينَا الْهُمُومُ مَتَى وَكُنَّا = خِيَارَ النَّاسِ فَضْلا فِيهِ سَبْقُ






أَرَانَا النَّأْىُ عن هَدْىٍ وَدِينِ = صُنُوفَ الذُّلِّ؛ إنا نَسْتَحِقُّ


*****






وَقَالَ اللهُ: لا رِضْوَانَ عَنْكُمْ = وَمِعْوَلُ هَدْمَ مَاضِيكُمْ يَدُقُّ






إِذَا ثُرْتُمْ نَعِمْتُم في حَيَاةٍ = وَإِنْ مِتُّمْ فَلِلْجَنَّاتِ شَوْقُ






أُغيِّرُ.. بَعْدَ تَغْيِيرٍ لَدَيْكُمْ = بَلَى رَبِّي وَهَذَا الْقَوْلُ صِدْقُ






فَكَانَتْ ثَوْرَةُ الشُّبَّانِ دَرْسًا = تُزَلْزِلُهُمْ.. وَنَارُ الْعَدْلِ حَرْقُ






تُذَكِّرُهُمْ بِأَنَّهُمُ عَبِيدٌ = وَمَا فَعَلُوهُ ذَا جُرْمٌ وَخَرْقُ


*****


تَنَاسَى الْمفْسِدُونَ دُرُوسَ مَاضٍ= لَهَا فِي حَاضِرِ الأَيَّامِ عُمْقُ






فَقَارُونُ الَّذِي خَدَعَتْهُ نَفْسٌ! = يُمَنِّيكُمْ! نَسِيتُمْ مَا الأَحَقُّ؟






وَعِنْدَ مَقَالَةِ الْمَزْهُوِّ فَخْرًا = أَتَى بالْمَالِ عِلْمٌ لا يُشَقُّ






فَكَانَ الْخَسْفُ أَسْرَعُ مَا يُلَاقِي = بِأعْيُنِهِمُ، وَلَمْ يَنْقِذْهُ عِرْقُ


*****


تَجَبَّرْتُمْ كَفِرْعَوْنَ ابْتِدَاءً = وَمَا بَيْنَ الزَّمَانِ هُنَاكَ فَرْقُ


فَقَدْ جَمَّعْتُمُ الأَمْوَالَ نَهْبًا = وَلَمْ يَنْفَدْ لِرَبِّ العَرْشِ رِزْقُ


بَسَاتِينُ القُصُورِ لهَا بَرِيقٌ = وَمَنْ يَشْهَقْ بِدَهْشَتِهِ فَحُمْقُ


فَنِلْتُمْ مِثْلَمَا نَالَ انْكِسَارًا = هَدِيرُ الْبَحْرِ فِي التَّحْرِيرِ دَفْقُ


*****


وَعَادٍ أَوْ ثَمُودٍ كَمْ غَفَلْتُمْ = وَقَدْ طَالُوا النُّجُومَ وسُدَّ أُفْقُ


فَإِذْ بِالرِّيحِ تَحْمِلُهُمْ وَتَلْهُو = وَأُمُّ الرَّأْسِ فِي صَخْرٍ تُدَقُّ


كَأَعْجَازٍ تَرَكْنَاهُمْ عِجَافًا = فَمَا مِنْ كَائِنٍ لَهُمُ يَرِقُّ


كَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تَشْهَدْ بِعَيْنٍ = وَمَا نَامُوسُ رَبِّ الْكَوْنِ خَرْقُ


أَلا فَلْتَرْحَلُوا مِنْ دُونِ عَوْدٍ = فَإنَّا صَامِدونَ وَذَاكَ حَقُّ














07 أبريل 2011

علي بابا والأربعين ألف حرامي






كان ياما كان في سالف العصر والأوان "حكاية" تراثية منتشرة

في كل البلاد الناطقة بالضاد، وغير الضاد، عربية وإفرنجية:

أن هناك شخصًا يُدعى "علي بابا".. في الحكاية طيب وكريم،

وله أخ يُدعى "قاسم"، شرِّير ولئيم.. هذا الكريم "علي بابا"

وقع على مغارة لعصابة فيها من الذهب والمَرْجان ما يحيِّر

عقل الإنسان؛ لكن "علي بابا" القنوع غرف منه وحمل

ما يستطيع كتفُه أن يحمل، واكتفى، وحمد ربَّه وشكر، وقال:

هذا يكفيني من القدر، وبنى له بيتًا محترمًا، ورضي بقليل

من الخدم، وعاش في سعادة وزيادة، يشكر الله، ويكثر من العباده.


لكنَّ قاسمًا الشرِّير اتَّفق مع رئيس العصابة صاحبة المغارة

ضد أخيه؛ حسدًا وغَيْرةً ومرارة، وعملوا حيلة: أن يضعوا

كل "حرامي" في قدر كبير مع سيفه المسنون، ويدَّعون

أنها قدور عسل وزيت مضمون.. وكان عدد القدور أربعين،

 ونزل رئيسهم وقاسم في ضيافة "علي بابا" ملثَّمين، والقدور

كانت في فناء البيت، والإشارة هي "الصفَّارة".


أراد الله أن يردَّ على الخائنين الكيد، وتكتشف الجارية الحيلة،

 فاستعملت العقل واليد، بأن وضعت على فم كل قِدْرة الحجر،

 وكفت عن سيدها الخبر، وخلّصت "علي بابا" من شر مستطر.


*****
أما ما كان في حاضر العصر والأوان: أنه تم استنساخ من قاسم الشرير،

 بدل الواحد حوالي اثنين وعشرين، وبدل الأربعين "حرامي"

 مئات وألوف وملايين، وحيلتهم هذه المرة امتلاك الدول

والشعوب، مهما تجمَّع عليهم من الذنوب.


وأتحفونا بأسماء تملأ العين؛

كلها مباركة وصالحة وزين وبشارة ومعمَّرة،

والحقيقة الحقيقة لا أكثر كلهم قاسم مشترك مع قاسم الشرير وأكثر.


كل قاسم رأس دولة ينهب منها ولا يشبع، ويكدس خارجها

ولا يقنع، وعيَّن أذنابه الملاعين في كل زاوية وحائط مكين،

 فتحكّموا في العباد، ونشروا الفساد، وزاد الكساد، وخربت الذمم،

 وجحد الفؤاد، فساءت البلاد ، وتطاولوا في البنيان، وقلَّدوا

"فرعون ذي الأوتاد"، وقد طال بهم العهد، فنسوا ما ينالهم

من الوعد، وظنوا أنهم في مأمن من الظنون، وأنهم كإبليس مُنْظَرون.


فأكثروا من البطش و"التلطيش" في العباد النقية، وقيَّدوا

 المعاكس، وشتَّتوا المشاكس، وأخرسوا المظلوم عن حقِّه

 المعدوم، وزاد بطشهم وتدميرهم، وامتلأت سجونهم بالمعتقلين بلا قضية.


ولما فسدت الأرض، وظنوا أنهم قادرون عليها، أتاها أمر الله

 بثورة فتيَّة، ثم ثورات وثورات، تطيح بالرؤوس والأجناد،

وهم يقاومون في عناد وجسارة، مذهولين من تلك العبارة،

فسلَّطوا المياه القوية على المصلِّين، والغازات المُسيلة على

 الرافضين، وضربوا بالقنابل والرصاص الحي في أعين

 الصامدين، وصالوا فيها وجالوا، (وجابوا الصخر بالواد)، ومالوا.


يا مغيثُ، يا الله يا مُعين.


وبعد أخذ ورد، وطول صبر وصدّ، فرَّ من فر منهم لا منَّا،

وزاغ من زاغ منهم لا منا،


فطاردتهم الجموع الأبيَّة في عقر دورهم العفيَّة، فأجلَوهم عنها،

 حتى سقط كبيرهم، ولحقه ربيبُه خائفًا مذعورا،وكان بالإخافة

 والنفور مأمورا، فسقط مُلْكهم الواحد بعد الواحد، ورأينا فيهم

 عجائب قدرة الواحد،


وما كانوا يظنون أنهم إلى معاد، وتناسوا (إرم ذات العماد)،

 (وفرعون ذي الأوتاد)، والأصفاد، وامتلأت بهم سجون البلاد.


والغريب الغريب أنهم لا يتَّعظون، ومن السابقين لا يعتبرون،

 وليس لهم رأى ولا مشورة، في مشهد أو نصح أو صورة،

(كأنهم خشب مسندة)، يركبون قطار المماطلة، يمرُّون به كل

 محطات المناورة، وينزلون في ذات المحطة المقدَّرة، يصرخون بالكذب و"المنظرة".


فيتمسك الواحد منهم بالكرسي لكي يحميه، ويستعين بالأذناب

من شر ما فيه، وظن المسكين الذي بالله لا يستعين، أنه الغالب

 المكين بفضل من حوله من عبيد وسلاح عتيد، فإذا بهم أفراخ

 مذعورة، من هبة سائر المعمورة، وتركوا ما جمعوا من قصور،

 "كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ

كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ"، وهم يتطايرون كالذباب في الهواء،

والكرسي انخلعت يده والساق من خلاف، وما عاد يصلح للإيواء..

 إلى هنا سكت الكلام يا سادة ياكرام.











28 مارس 2011

الدُّرُوبُ الْمُبْعَدَةْ


:

يَا أَيُّهَا الْقَلْبُ الْمُمَرَّدُ بِالْهُدَى = أَخَشِيتَ بَوْحًا يَسْتَثِيرُ تَفَرُّدَهْ


يَا أَيُّهَا الْعَالِي وَتَخْضَعُ مِنَّةً = أَتَخَافُ مَيْلًا تَحْتَوِيهِ الأَوْرِدَةْ


يَا أَيُّهَا الْمَفْتُونُ بِالْحُسْنِ اتَّئِدْ = أَمَضَيْتَ تُبْحِرُ فِي الدُّرُوبِ الْمُبْعَدَةْ


مُتَمَرِّدًا قَدَّمْتَ عُذْرًا وَاهِيًا = هِىَ رَاحَةٌ تُرْجَى! وَغَيْرُ مُؤكَّدَةْ


هَلْ تَنْطَلِي الأَعْذَارُ حِينَ تَعُدُّهَا؟ = هى فِعْلُ مَنْ جَمَعَ الخَيَالَ وَعَدَّدَهْ


هَذَا اعْتِزَالٌ جَاءَ دُونَ مُرَادِهِ = فَاللَّحْنُ دَرَّبَ نَبْضَهُ كَيْ يُنْشِدَهْ


فَإِذَا ارْتِجَاجُ الْقَلْبِ يُدْمِي نَفْسَهُ = نَفَدَ اصْطِبَارٌ كَانَ قَبْلُ مُقَيِّدَةْ


وَاحْمَرَّتِ الْمُقَلُ المُدَلَّى سِتْرُهَا = فَجَنَتْ عَلَى هَذِي الْعُيُونِ مُسَهَّدَةْ


وَاسْتُنْفِرَ الطَّيْرُ الَّذِي فِي سَكْرَةٍ = عَصَفَتْ بِهِ رِيحُ الشَّمَالِ مُعَرْبِدَةْ


وَالشَّامِتُونَ الشَّامِتُونَ وَوَيْلَنَا = مِنْ غَمْزِهِ مِنْ لَمْزِهِ مَا أَسْعَدَهْ


يَنْسَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَ سَاعِدُهُ التُّقَى = وَلِكِبْرِهِمْ نَارٌ عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةْ


فِي سَجْدَةِ الْقَلْبِ الَّتِي يُهْدَى لَهَا = نُورُ الَّذِي سُبْحَانُهُ قَدْ أَوْجَدَهْ


لَوْلَا رَأَى الْبُرْهَانَ لَأخْتَلَفَ الْهَوَى = هُوَ ذَا الْهُدَى، وَالشَّرُّ رَبِّي أَخْمَدَهْ






























































24 مارس 2011

حكومة لا تؤمن بالتخصص


كلما تأملت حال حكومتي الغابرة ورموزها الماثلين أمام القضاء

رغم ملياراتهم الكثيرة، زادت دهشتي، تلك الحكومة ما كانت

تؤمن بالتخصص؛ فكما يقول أولاد البلد: (بتاع كله).


في قانون الجرائم تخصص؛ فهذا حرامي محافظ، وهذا حرامي خزن،
وذلك خطف، ورابع كسر، وخامس هجام.. و... و...

والغريب أن كلاًّ منهم لا يمكنه التفوق في تخصص غيره،

 تخصُّصه وكفى، والثابت أن كل واحد منهم له منطقة نفوذ

لا يتخطاها، وإلا تعرض للمطاردة من أصحاب المناطق الأخرى.


ولو طلبت من نشّال أن يقوم بكسر خزانة مثلاً،

يعتذر لك قائلاً: ليست من اختصاصي.


وباقي الجرائم تسير على ذات المنوال؛ فهناك من تؤجّره ليقوم

 بدلاً منك بقتل الشخص الذي تريد إزاحته من دنياك واسمه

(قتال قتلا)،
ويؤدي المتخصص في القتل المطلوب، لا أزيد ولا أقل،

 بمعنى أنه لا يقوم بتقليب القتيل وأخذ ما بجيبه،

هو سيأخذ أجره من صاحب الشأن وكفى..

ويكون الحزن والأسف لو أخطأ عياره المطلوب

ونال شخصا آخر غير المقصود

إذ يعتبره بريئا، والحزن هنا يقتضيه شرف المهنة.


وهناك من له حيلة مع الناس يجمع فلوسهم بالحسنى، ويمنّيهم

 بمشاريع وهمية حلالاً طيبًا، ثم يهرب بأموالهم تاركًا لهم الهمَّ

 والحزن، ولوم أنفسهم في عدم أخذ الحيطة والحذر والضمانات!


وهناك من يخالف في رخصة بناء فيبني دورًا أو دورين زائدين

 يحقق من ورائهما ربحًا محدودًا، ولو اضطر لدفع غرامة

 المخالفة وكفى الله المؤمنين القتال.


لا مانع أن يدفع بعض المرشحين لبعض الناس أموالاً وأمنيات

 يريدون تحقيقها؛ لكي يحصل على أصواتهم في أي انتخابات

 خاصة أو عامة، وتدخل أيضا في باب الفساد،

ولكنه فساد محدود؛ لكنه مفيد لهذه الفئة.


هل هناك جرائم غير ما ذكرت؟

نعم هناك جرائم الغش في السلعة، أو الغش في الميزان،

أو الغش في الامتحان.


المهم ما أريد قوله: أن لكل جريمة وفساد في الأرض وجوهًا

 محترفة بذلت الجهد منذ الصغر حتى تخصصت في النوع المطلوب.


ما رأيك لو كان هناك مدرسة مجرد أن يدخلها الشخص يحترف

 في كل هذه الجرائم، ويقوم بكل هذه الأعمال دفعة واحدة لصالحه

 الشخصي، ولصالح معارفه وأصدقائه، وبدلا من أن تفعلها في الخفاء

تفعلها في العلن؛ لأنه لا لوم ولا محاسبة، بل مباركة وسباق وتنافس؟


هذه المدرسة هي الوزارة، وحكوماتنا البائدة محترفة في جميع

 الجرائم بلا استثناء، كل منهم فعل كلاًّ منها،

حكومتنا ما كانت تؤمن بالتخصص شأن صغار المجرمين!


جميعهم سرقوا أموالاً طائلة جرفوا فيها البنوك والبورصة لصالحهم،

وأشهر غيرهم إفلاسه.


جميعهم استولوا على أراضٍ شاسعة بنوا عليها القصور

والفيللات كأنهم سيعيشون إلى الأبد،

وبات غيرهم في المقابر.


جميعهم زيّفوا أصوات الانتخابات، حتى إنهم أقاموا الموتى ليدلوا

 بأصواتهم بدلاً من أصحاب الأصوات المخالفة.

ومات الشرفاء كمدا.


جميعهم استوردوا الغذاء الفاسد والدواء منتهي الصلاحية؛

 لكي يحصلوا على عمولات باهظة مقابل إهدار صحة المواطن،

وزاد من تدميرها المستشفى المجاني.


جميعهم جرفوا الأراضي الزراعية واستوردوا طعامنا وكساءنا

 من نوع رديء؛ ليثروا ويتضخموا!


جميعهم باعوا ممتلكات البلد: منشآت ومؤسسات وموارد، وماء

 وغازًا وآثارا وماء وجه.. و... و


جميعهم اعتقلوا الناس ودمّروهم سحقًا وتعذيبًا حتى الموت،

ولا رجفة عين! ولا خشية من الله.


جميعهم باع الإنسان قطع غيار دون موافقته

لصالح الأغنياء وكسب الأموال.


ولما عجزت بنوك بلدهم عن حمل أموالهم، انتقلوا بها لبنوك

 خارج حدود بلدهم المنهوب،

يرونها أكثر أمانًا وضمانًا.


ابحث عن أي جريمة قتل تجدهم وراءها؛ إما بالتحريض،

أو التنفيذ، أو المداراة!


القتل بالجملة، والاعتقالات بالجملة، والنهب بالجملة،

والغش بالجملة، والجملة بالجملة، حتى ضجّت الجملة منهم!


والأهم أنهم فعلوا كل هذا عيني عينك، لا مواراة، ولا مداراة،

ولا تخفّي، وممن يستخفون، وهم خلفاء الشيطان في الأرض،

المفوضون بدلاً عنه؛ بعد أن تعب من ألاعيبهم التى فاقت قدراته،

فترك لهم الميدان يعيثون فيه فسادًا؛

فإن كان ولابد من حكومات تنهب شعوبها

فيالت أن تكون حكومة تؤمن بالتخصص!






































































20 مارس 2011

أماه



أماه

يقال اليوم عيدك يا أمي؛ لكنك في ذمة الله من عشرين عامًا.

كنت سأتوجه إليك بمقولة: كلَّ سنة وأنت طيبة، وأمنحك قُبلة وهدية.

والآن أتوجه لربي أن يرحمك ويغفر لك، ويجعلك في الفردوس الأعلى.

أدعوه أن يتجاوز عن سيئاتك إذا كنت أسأتي، ويضاعف حسناتك التي لمسناها وعاينَّاها كثيرًا.

أسأله أن يجمعني بك في أعلى عليين، وأن يغفر لي زلاّتي بأمنيتك في.

أدعو لك بعدد أيام عمرك التي لم تبلغك الستين، وبعدد ساعات سهرك علينا، وبعدد دقائق تفكيرك فينا كيف ترفعين من شأننا، وتحجزين لنا مكانًا تحت الشمس، وبجانب الطيبين.

أدعو لك بعدد النصائح التى وجهتِها إلينا بحب وحزم.



أماه

مازلت أعجب كيف كنا نحبك ونهابك في آن؟! وكيف كنا بأمرك في كل آن؟! وكيف كنا لا نتحمّل خصامك أو غضبك على أحدنا؛ فيجثم بين يديك يطلب الصفح، ونلتفُّ حوله في وساطة كى تقبلي رجاه؛ لعلمنا بمقدار أساه!

الآن أجثم بين يدى ربي أسأله لك الرحمة والنور، وأن يدخل على قلبك السرور؛ بقربك منه، وباطمئنانك علينا.

نحن من بعدك يا أمي في انتظار شيء لا نعرف ما هو، وفي شوق لك لا نعرف إلى متى، ولدينا كلام مؤجل لنحكيه لك.



أماه

عودتنا الخشية من الله فنراك تحذرين في كل حين.

علمتنا الأكل الحلال فتحرَّيناه في كل حين.

وعلمتنا الرضا بما قضى الله فحمدناه في كل حين.

وفي كل صباح نرى بسمتك في وجوهنا.



أماه

وأنت في عليائك تريننا ولا نراك، وتسمعيننا ولا نسمعك، وترين أفعالنا ولا تملكين لها ردًّا، وتبصرين مكانك في الجنة – نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحدًا - ولا نعرفه؛ فبصرك اليوم حديد.

نسألك: هل تواصلين الدعاء لنا؟

هل تخاطبين ربك من أجلنا؟

هل توسعين لنا بجوارك كما كنت توسعين من قبل؟

هل سؤال ربي بدموعي وشوقي إليك سيبلغني مكانتك التي دلت عليها حسن خاتمتك.

آمين آمين يارب العالمين.







06 مارس 2011

ادخلوها آمنين ..آمنين



 رأيت عجائب قدرة الله في جولة قصيرة حول الأقسام التي تقع قريبة مني، فوجدتني أردِّد قوله تعالى:


{فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: 45]،


وقوله تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}


[آل عمران: 26].


قسم السيدة زينب بما له من قوة وسطوة وهيلمان، وبما له من معمار تاريخي فخيم يزيد من هيبته.. قسم السيدة زينب بجنوده وضباطه ومصفحاته الشامخة الرابضة أمام بواباته.. كل هذا أصبح أثرًا بعد عين.. لم تكتفِ الأيدي الآثمة بحرق المبني وإخراج المسجونين وسرقة الأسلحة، والمكاتب وأجهزة الكمبيوتر.. و.. و.. بل جاءت أيدٍ آثمة أخرى واستولت على أخشابه من أبواب ونوافذ، حتى خشب السقف، وتركته هيكلاً خاويًا محترقًا منهوبًا، مذعورة قواته التي يلازم كل منهم بيته الآن لا يدري ما ينتظره غدًا، بعد أن خرج من جدران حمايته بلا سلاح ولا بدلة، مذعورًا راكضًا!!


المشهد ذاته قسم الخليفة أيضًا بتاريخه العريق وقوته الغاشمة، ولا يتخير عنهما قسم الدرب الأحمر، رغم أنه لايزال يحتفظ بسقفه.


والذي أريد قوله: أن في هذه الأقسام قامت كثير من الجرائم، وانتهكت الكرامات والحرمات، تلك الأقسام وغيرها لو كانت ردت حقًّا لأصحابه مرة، فقد عذبت مظلومين واتهمتهم زورًا مراتٍ ومرات!!


وهؤلاء المذعورون الآن فاقدوا أسلحتهم وبذّاتهم، وقوتهم المادية والمعنوية، كانوا يملكون من القوة والسطوة ما هو كفيل بإلقاء الرعب في قلب من يسوقه حظه العسر بين أيديهم!


يا الله! جهاز بكامله لحماية الفساد والمفسدين، لذلك أعطيت الأوامر بسحب الشرطة نكاية في المتظاهرين؛ وكأن هؤلاء المتظاهرين ليسو من ضمن عملهم، والعلاقة الوحيدة بينهما هى الضرب والأخذ على اليد، أو ننسحب ونوكل الأمر للبلطجية المأجورين ليكثفوا بجوار ترويعهم للآمنين، اعتدائهم على الشباب الذي خرج يطالب للشعب كله بالحقوق والعدالة والكرامة.


ولأنهم أصحاب قضية ومبدأ، ولأنهم خرجوا وأكفانهم على أيديهم، ولأنهم يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم؛ لم ينسحبوا من الجهاد، لا من أمام الشرطة بقنابلها المسيلة للدموع، ولا بنادقها برصاصها المطاطي والحي، ولا بخراطيم مياههم الثقيلة، ولم ينسحبوا من أمام البلطجية بنيرانهم وهراواتهم وسيوفهم وخيولهم ونوقهم!


وكانت قدرة الله أن يفشل جهاز القوة والبطش والقمع، وتفشل أساليب البلطجة والشغب، ويثبت المتظاهرون العزَّل، وينقلب السحر على الساحر.


حرقت جميع الأقسام في ساعة واحدة، وكأنه انتقام من القهر والظلم بهدم معاقل الشر والتبعية بلا رحمة.


وأضيف أن مصر محروسة، وثورتها مؤيدة من الله سبحانه، ونحن نلمس يد الله الرحيمة في كل شيء؛ فقد تمت ثورتها بأقل الخسائر، واستجيبت لطلباتها بروح الود والمحبة من قبل القوات المسلحة، ورغم أن الأيدي الملوثة لاتزال تعمل في الظلام فتحرق وتدمّر كل مكان فيه دليل إدانة؛ مثل مباني أمن الدولة، أو الجهاز المركزي للمحاسبات، وبعض أعمال الشغب لاتزال تتم بصورة أو بأخرى، ، إلا أن مصر لاتزال بخير، أهلها آمنون، وهم وجيشها يد واحدة؛ فادخلوها آمـنين.. آمـنين.




.





03 مارس 2011

الكرسي المجيد .. و .. الأخر المحترم






من أجل الكرسي المجيد يخلع من يجلس عليه كرامته ومبادئه

 ووطنيته، ويذل نفسه لمن هو أكبر منه، ويعتبره وليَّ نعمته.


وبسبب الكرسي المجيد يذبح شعبه ويسيل دماءه أنهارًا، دون

رادع من ضمير، وكأنهم يعيشون أبدًا، وما يحدث لغيرهم لا

يحدث لهم؛ لذلك لا يتعلمون من تجارب السابقين.


نعم الكرسي فقط هو أصل كل بلاء في عالمنا الأهوج.


من أجل الكرسي تهتف الشعوب: يحيا الزعيم، بالروح والدم

 نفديك يا عظيم، أنت فل الفل ونحن لا نستحق كل هذا الكرم منك.


أما لو نطق أحد: نريد كرامتنا وعزتنا، نريد لقمة عيش هنية،

 نريد بعض حرية، فالويل كل الويل.

من أجل الكرسي يصاب حكامنا بنوبات من الصرع والشراهة،

 فينسون دورهم الرئيس من خدمة الشعب والعمل على مصالحه،

 بل يتحول الأمر إلى خدمة أنفسهم ومعاونيهم دون وعي أو ذرة عقل.

وبدلاً من العمل على تنمة الأموال تكدس بالمليارات في خزائنهم،

وتفكيري القاصر لا يدرك الفائدة من تكدس تلك الأموال دون

استثمار، والانسان في زعمي المتواضع لا يأكل أكثر من ملء

بطنه مهما كانت واسعة، ولن يلبس أكثر مما يحيط ببدنه مهما

كان بدينًا، ولن ينام إلا في مساحة ضعف جسمه حتى وإن كان كثير التقلب في الفراش!!

أما الأجواء التي يعيش فيها ويمنحها كل مظاهر الأبهة والعظمة،

فقد تحققت بالفعل، فما فائدة التكديس؟ لا أدري!

والأنكي أنه تكديس ليس عن فائض إنما هو رغم فقر العباد وفساد البلاد،

وتعطل الإنتاج وخراب الذمم وبيع الضمائر و............ و............... كثير.

وعندما يهرب لا يستطيع حمل أثقاله مما كنز، فيتركها وينجو بجلده.

ولأن هذا الكرسي المجيد هو السبب - كما أوضحنا - وجدتني

أرفع يدي بتحية تعظيم وإجلال لكرسي الأوتوبيس.

كرسي الأتوبيس هو الوحيد المحترم.

الكرسي الوحيد الذي تتركه طواعية إذا جاءت محطتك،

والكرسي الوحيد الذي تعزم به على من هو أكبر سنًّا أو أضعف بدنًا،

والكرسي الوحيد الذي يستحقه من يقف بجواره، فلا يأتي أحد من

بعيد يحاول الاستيلاء عليه، إلا إذا سمحت له.

والكرسي الوحيد الذي تعرف أنه ليس ملكًا لك وحدك؛ بل ملكية

عامة يجب المحافظة عليه.

كرسي الأتوبيس يوصلك لغرضك في راحة، دون تكاليف زائدة،

والكرسي الوحيد الذي تدفع له ثمن خدمة يؤديها لك،

لا أن يدفع لك هو من دم الغلابة ثمن تحكمك فيهم.

والكرسي الوحيد الذي يحمي من يجلس عليه من الحسد

والانقلاب والتآمر والخداع.

توصية: ليتكم تصنعون للحكام الجدد كراسي من مثل مادة كرسي الأتوبيس

ثم تدرسون فلسفته في المدارس بعد إصلاح التعليم.