24 مارس 2011

حكومة لا تؤمن بالتخصص


كلما تأملت حال حكومتي الغابرة ورموزها الماثلين أمام القضاء

رغم ملياراتهم الكثيرة، زادت دهشتي، تلك الحكومة ما كانت

تؤمن بالتخصص؛ فكما يقول أولاد البلد: (بتاع كله).


في قانون الجرائم تخصص؛ فهذا حرامي محافظ، وهذا حرامي خزن،
وذلك خطف، ورابع كسر، وخامس هجام.. و... و...

والغريب أن كلاًّ منهم لا يمكنه التفوق في تخصص غيره،

 تخصُّصه وكفى، والثابت أن كل واحد منهم له منطقة نفوذ

لا يتخطاها، وإلا تعرض للمطاردة من أصحاب المناطق الأخرى.


ولو طلبت من نشّال أن يقوم بكسر خزانة مثلاً،

يعتذر لك قائلاً: ليست من اختصاصي.


وباقي الجرائم تسير على ذات المنوال؛ فهناك من تؤجّره ليقوم

 بدلاً منك بقتل الشخص الذي تريد إزاحته من دنياك واسمه

(قتال قتلا)،
ويؤدي المتخصص في القتل المطلوب، لا أزيد ولا أقل،

 بمعنى أنه لا يقوم بتقليب القتيل وأخذ ما بجيبه،

هو سيأخذ أجره من صاحب الشأن وكفى..

ويكون الحزن والأسف لو أخطأ عياره المطلوب

ونال شخصا آخر غير المقصود

إذ يعتبره بريئا، والحزن هنا يقتضيه شرف المهنة.


وهناك من له حيلة مع الناس يجمع فلوسهم بالحسنى، ويمنّيهم

 بمشاريع وهمية حلالاً طيبًا، ثم يهرب بأموالهم تاركًا لهم الهمَّ

 والحزن، ولوم أنفسهم في عدم أخذ الحيطة والحذر والضمانات!


وهناك من يخالف في رخصة بناء فيبني دورًا أو دورين زائدين

 يحقق من ورائهما ربحًا محدودًا، ولو اضطر لدفع غرامة

 المخالفة وكفى الله المؤمنين القتال.


لا مانع أن يدفع بعض المرشحين لبعض الناس أموالاً وأمنيات

 يريدون تحقيقها؛ لكي يحصل على أصواتهم في أي انتخابات

 خاصة أو عامة، وتدخل أيضا في باب الفساد،

ولكنه فساد محدود؛ لكنه مفيد لهذه الفئة.


هل هناك جرائم غير ما ذكرت؟

نعم هناك جرائم الغش في السلعة، أو الغش في الميزان،

أو الغش في الامتحان.


المهم ما أريد قوله: أن لكل جريمة وفساد في الأرض وجوهًا

 محترفة بذلت الجهد منذ الصغر حتى تخصصت في النوع المطلوب.


ما رأيك لو كان هناك مدرسة مجرد أن يدخلها الشخص يحترف

 في كل هذه الجرائم، ويقوم بكل هذه الأعمال دفعة واحدة لصالحه

 الشخصي، ولصالح معارفه وأصدقائه، وبدلا من أن تفعلها في الخفاء

تفعلها في العلن؛ لأنه لا لوم ولا محاسبة، بل مباركة وسباق وتنافس؟


هذه المدرسة هي الوزارة، وحكوماتنا البائدة محترفة في جميع

 الجرائم بلا استثناء، كل منهم فعل كلاًّ منها،

حكومتنا ما كانت تؤمن بالتخصص شأن صغار المجرمين!


جميعهم سرقوا أموالاً طائلة جرفوا فيها البنوك والبورصة لصالحهم،

وأشهر غيرهم إفلاسه.


جميعهم استولوا على أراضٍ شاسعة بنوا عليها القصور

والفيللات كأنهم سيعيشون إلى الأبد،

وبات غيرهم في المقابر.


جميعهم زيّفوا أصوات الانتخابات، حتى إنهم أقاموا الموتى ليدلوا

 بأصواتهم بدلاً من أصحاب الأصوات المخالفة.

ومات الشرفاء كمدا.


جميعهم استوردوا الغذاء الفاسد والدواء منتهي الصلاحية؛

 لكي يحصلوا على عمولات باهظة مقابل إهدار صحة المواطن،

وزاد من تدميرها المستشفى المجاني.


جميعهم جرفوا الأراضي الزراعية واستوردوا طعامنا وكساءنا

 من نوع رديء؛ ليثروا ويتضخموا!


جميعهم باعوا ممتلكات البلد: منشآت ومؤسسات وموارد، وماء

 وغازًا وآثارا وماء وجه.. و... و


جميعهم اعتقلوا الناس ودمّروهم سحقًا وتعذيبًا حتى الموت،

ولا رجفة عين! ولا خشية من الله.


جميعهم باع الإنسان قطع غيار دون موافقته

لصالح الأغنياء وكسب الأموال.


ولما عجزت بنوك بلدهم عن حمل أموالهم، انتقلوا بها لبنوك

 خارج حدود بلدهم المنهوب،

يرونها أكثر أمانًا وضمانًا.


ابحث عن أي جريمة قتل تجدهم وراءها؛ إما بالتحريض،

أو التنفيذ، أو المداراة!


القتل بالجملة، والاعتقالات بالجملة، والنهب بالجملة،

والغش بالجملة، والجملة بالجملة، حتى ضجّت الجملة منهم!


والأهم أنهم فعلوا كل هذا عيني عينك، لا مواراة، ولا مداراة،

ولا تخفّي، وممن يستخفون، وهم خلفاء الشيطان في الأرض،

المفوضون بدلاً عنه؛ بعد أن تعب من ألاعيبهم التى فاقت قدراته،

فترك لهم الميدان يعيثون فيه فسادًا؛

فإن كان ولابد من حكومات تنهب شعوبها

فيالت أن تكون حكومة تؤمن بالتخصص!






































































ليست هناك تعليقات: