السيدة الأميرة، أم الفقراء وراعية العلم، والعلماء وأخت الملوك وعمتهم، وزوجة الملك ناصر الدين محمد بن شيركوه بن أيوب.
بنت نجم الدين أبي الشكر أيوب بن شادي بن مروان، وخاتون لقب لكل امرأة محترمة، وهذه الكلمة لا تزال متداولة عند العرب والأكراد المسلمين في العائلات العريقة في البلاد العربية خاصة العراق، لقب أبوها بالملك الأفضل
أخت صلاح الدين الأيوبي الذي لا يقل فضلا عن أبيه ، أمها ست الملك خاتون أحسنت تربيتها وجميع إخواتها، فقد ربت صلاح الدين واخوته على الصلاح والتقوى.
كانت ست الشام أحب الناس إلى قلب أخيها صلاح الدين، وكانت تتبعه في كل شيء بل وتتفوق، درست معه عند علماء الفقه وعلماء الحديث، وبرعت فيهما حتى صارت تدرسه لنساء وبنات جيلها.. وحتى صارت عالمة من علماء الشافعية.
أنشأت المدرسة الشامية البرانية والتى عرفت بالمدرسة الحسامية، كما بنت المدرسة الشامية الجوانية سنة 582 هـ، أوقفت عليها أملاكا تكفي حاجتها المالية.
واستمرت تسلك كل طريق يسلكه أخوها فكما كانت تنافسه في العلم الشرعي نافسته في تعلم الطب وصناعة الأدوية وتفوقت فيهما أيضا، وأكثر من ذلك أقامت مصنعا للأدوية.
فكانت أول امرأة تملك مصنعا للأدوية، وعملت في هذا المصنع مائة امرأة كلهن حافظات لكتاب الله، ماهرات في ركوب الخيل.. وهذا هو الشرط للعمل في هذا المصنع.
قال صلاح الدين : " ما غرت من أحد قدر غيرتي من أختي ست الشام لما تفوقت على في الطب وصناعة الدواء، وما كان هذا إلا لانشغالي بالملك، والفروسية ولم يشغلها" .
وعندما سألوها لماذا حافظات فارسات ؟ قالت ما أراهن إلا مجاهدات يحتجن إلى ركوب ظهر الخيل ويكن في قلب الجيش، وما أرى امرأة في قلب الجيش تطبب المرضى إلا ويكون الإيمان في قلبها راسخ، وما أرى رسوخ الإيمان إلا بحفظ كتاب الله.
كان المصنع يورد الأدوية لجيش صلاح الدين.
ست الشام لم يشغلها عملها عن بيتها وزوجها.. فكانت نعم الزوجة ونعم الأم، فهى زوجة لابن عمها ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه، انجبت منه حسام الدين البطل الذي كان يحبه صلاح الدين ويفخر به حتى ظن البعض أنه ابنه وهو في الحقيقة ابن أخته وناصر الدين.. وهناك من يقول أنه ابن من زوج قبله.
وعن سر محبة صلاح الدين لابن أخته قال:
- مارأت فتى نشأ وتربى كما تربيت إلا حسام الدين، وما رأيت امرأة ربت ولدها كما ربت أمي ولدها إلا ست الشام.. بمعنى أنها هى الأشبه بأمها ست الملك خاتون.
قالت ست الشام لزوجها وأخيها قبل القتال: أريد عدة وعتاد لكتيبتي.
قال صلاح الدين: - ولماذا ؟ قالت :
- لكي نكون جاهزات عند قيام الحرب.. فقط أريد منكم الخيل.
ولا آمن على الخيل إلا أن يختاره ناصر الدين زوجي.. لما له من خبرة في الخيل.
وقادت ست الشام الكتيبة الطبية التي تسمى كتيبة الحافظات.. يطببن المرضى، ويسعفن الجرحى.. وكن فوق تضميد الجراح يقاتلن.
حتى سمعت بخبر استشهاد ابنها في موقعة حطين بعدما أبلى فيها بلاء حسنا.
لما جاءها الخبر زغردت وأمرت الطبلخانه أن تدق الطبل ابتهاجا باستشهاد ابنها.. هكذا كانت تفهم قدر الشهادة.
لقد كانت ست الشام عالمة، عابدة ، سيدة أعمال، وقائدة.
ماتت في حياة زوجها فلم يتزوج بعدها ولما سئول قال:
- ما أرى امرأة تعطيني من الحب ماكانت تعطيني ست الشام.
ومن قبل سألها ابنها :لماذا تحب والده بهذا القدر ؟ قالت:
ما طلبت طلبا إلا سارع به افتقدت نبتا تصنع منه خلطة دواء، فأتى به من برقة.
وقال علمت أنك تبحثين عنه وأنك تريدينه ليس لنا ولكن لعامة المسلمين.
هكذا كانت سيدة ملكات عصرها كثيرة البر والصدقة كان لها صدقة سنوية تعمل في دارها توزع على الفقراء والمحتاجين وبابها يعد ملجأً لكل قاصد.
توفيت السيدة خاتون ست الشام يوم الجمعة في 16 ذي القعدة سنة 616 للهجرة ودفنت بتربتها بالمدرسة البرانية (الحسامية) رحمها الله
هناك تعليق واحد:
أديبة رائعة ..أول نمشاركة لي واكتشاف سررت به ...ثصة هادفة ذات معنى ومغزى وموحية ...أبوبكر شرق الجزائر
إرسال تعليق