بلبل طفل صغير له حجرة تدخلها الشمس عند الشروق، وتستدير عنها عند الغروب.
بلبل يستمتع بالشمس كثيرا ويراها أصل الحياة، لكن هناك متعة أخرى لبلبل يتلقاها قبيل طلوع الشمس وهى زقزقة العصافير.
فعند نافذة بلبل شجرة وارفة، ذات فروع ممتدة تكاد تدخل من نافذة بلبل، ولكنها تبعث بدلا منها ظلالها لتحط على سرير بلبل، ومكتبه، وتصنع بمعاونة الشمس من جدران غرفته لوحة جميلة ذات تشكيلات بديعة.
تتغير هذه اللوحة من آن لأخر تبعا لاستدارة الشمس، وأيضا لمداعبة النسيم لأوراق الشجرة، ثم تختفى تلك اللوحة عند الغروب، وتعود من جديد مع شمس يوم جديد.
هذه الشجرة تبيت فوقها العصافير، وحينما تستيقظ، وتتمطى مع بداية شقشقة فجر جديد تبدأ فى الزقزقة والتغريد.
بلبل يطرب كثيرا لهذا الصوت البديع ويكلمها قائلا:
ما أحلاك أيتها المخلوقات الصغيرة وما أبدع صوتك.. سبحان من وهبك هذا التغريد العذب والمرح الجميل.. وأنا أيضا بلبل، ولى صوت جميل، أستطيع به أن أقلدك وأزقزق مثلك.
ثم يضحك من كلامه، ويفتح زجاج نافذته، فتدخل بعض العصافير إلى حجرته، فهى تشعر بالأمان فى حضن بلبل الذى يسرع فى احضار الحبوب من قمح وأرز، ويفرد بها كفيه، فتأتى العصافير وتقف فوق كفيه، وكتفيه وتلتقط طعامها سعيدة مزقزقة، وهو أيضا سعيد ومزقزق.
وذات يوم لم يضحك من كلامه عندما قال للعصافير« وأنا أيضا بلبل، ولى صوت جميل أستطيع به أن أقلدك وأزقزق مثلك»
هذه المرة فكر فى كلامه جديا، وبسرعة فتح النافذة، وصعد فوقها، وأمسك بفرع قوى قريب من نافذته وتعلق به، ورويدا رويدا استطاع أن يجلس عليه،
ولم تفزع العصافير، أو تدهش من تصرف بلبل بل راحت تدور حوله وترحب به برفرفة، وزقزقة، وصوصوة، ونغمات مبتكرة جعلته ينتشى ويبدأ فى تقليدها.
ما أن شرع بلبل فى تقليد العصافير حتى سكتت، وبدأت تخفض من زقزقتها ورفرفتها حوله حتى استقرت على فروعها صامتة منكمشة، تنظرإلى بعضها البعض وعيونها تتساءل ماذا يفعل بلبل.. ؟
ولكن بلبل لم يلحظ موقف العصافير واستمر يزقزق، ويصوصو، ويزقزق، ويصوصو، ويزقزق، ويصوصو حتى بح صوته وشعر به نشازا فسكت.
وهنا أدرك أنه كان يزقزق، ويصوصو وحده، وأن العصافير لم تستمتع بصوته، فخجل من نفسه ونزل عن الفرع فى هدوء، وأمضى اليوم فى حجرته حزينا مفكرا
وتساءل عن السبب الذى جعل العصافير تكف عن الزقزقة، رغم أنه مرّن نفسه كثيرا على تقليد صوتها، وأراد أن يسعدها كما هى تسعده.
نام على هذه الحال، ولكنه عندما استيقظ فى اليوم التالى، واستمع إلى زقزقة العصافير من جديد عادت إليه سعادته وعرف أن العصافير غير غاضبة منه، فأسرع فى فتح نافذته واحضار الحبوب.
دخلت العصافير إلى حجرته تلتقط وجبتها من كفيه، وتعاونت الشمس مع ظلال الشجرة فى رسم لوحتها البديعة على جدران غرفته فأسرع يدون فى أچندته هذه ما همس به لنفسه :
«إذا أردت أن تغير فى نظام الكون أفسدته»
هناك 4 تعليقات:
بسم الله الرحمن الرحيم
استاذتى الفاضلة نادية يحفظك الله
تسلم ايديكى على القصة فهى بسيطة ذات عمق وهدف تسعى لتحقيقه ، وتدلل على ان الله عزوجل له حكمته فى كل شى من اصغرها حتى اكبرها وعلى الجميع ان يسلم بها برضا تام ويشكر الله ويحمده عليها ... اما الذين لم يحمدوا فانهم اضروا الحياة اكثر مما تخيلوا ان يصلحوا
وحسبنا الله ونعم الوكيل ...
زينب خليل عودة
فلسطين
الجميلة زينب
شكرا على مداخلتك الرقيقة وتعليقك الواعى الجذاب.. لابد أن نعيش الحياة ونفهم حكمتها وتنوعها
تحياتى ومودتى لك
سيدتي الفاضلة
مررت هنا ليس من اجل شيئ لكن بين احضاني عصافير صغيرة تطالبوني بقصص تشاركهم احلامهم
سمحت لنفسي ان اغترف من هذا النبع الرقراق واهمس لعصافيري الصغار ها قد جئتكم بأحلام وردية فأستمعوا
استاذتي نادية
حكاياتك مثل الاحلام جميلة
جميل ان تجمعنا الاحلام
تحياتي
أسماء السامرائي
الأخت الفاضلة أسماء السامرائي
ما أجمل كلمتك وما أجمل مشاعرك
فعلا سعيدة أن وجدت هنا ما يسعد
أطفالك ويشارهم أحلامهم
وفعلا جميل ان تجمعناالاحلام.
مودتى دائما
إرسال تعليق