11 مارس 2012

لماذا؟.. لماذا؟ .. لماذا؟



لمشهد مؤلم جدًّا، وغير متصور ولا متوقع، وهل يُتخيَّل أن جيش


 مصر الذي حمى الثورة ينقلب عليها بهذه الوحشية، الجيش


المصري الذي لم يكن نسخة من جيش سوريا أو ليبيا في وقت


الأزمة يتشبه بهما في وقت الانتقال السلمي!!


يقتل شعبه ويسحل بناته في وحشية وإجرام لا مثيل لهما، وعلى


مرأى ومسمع، وتحت نظر كاميرات العالم والشهود!


من أعطاه الأمر بذلك؟ ولو أخذ الأمر، فكيف يجرؤ وتسمح له


 رجولته وضميره؟ كيف يتكاثر عشرات الجنود حول إنسان، شابًّا


كان أو فتاة، وينزلون بعصيِّهم وأرجلهم وأيديهم عليه، ولا


يتركونه إلا غارقًا في دمائه، مكسرة عظامه، مشدوخة رأسه، أو


لافظًا حياته،


ولماذا؟


لمجرد إرهاب الباقين على مقولة: (اضرب المربوط؟) أم لقناعتهم


أن هؤلاء بلطجية ويجب سحلهم؟ أم لعرقلة العملية الانتخابية


وإطالة أمد المجلس العسكري؟


كل هذه التكهنات هى ما يتردد بين الناس، وكلٌّ يُدلي بدلوه ويكمل


مكان علامات الاستفهام الكثيرة التي وضعها المجلس العسكري،


والمسؤول عن إدارة شئون البلد في هذه المرحلة الانتقالية!


وأيًّا كانت الأسباب والمعتقدات، فالمجلس العسكري هو المخطئ


بكل المقاييس.


لماذا؟


لأنه المسئول عن إدارة البلد حاليًّا، ولأنه الذي يملك القوة، ولو


سردنا الأحداث وأعملنا فيها العقل، نجد أن هناك مجموعة من


الشباب اعتصموا أمام مجلس الوزرا مدة 27 يومًا حتى إنهم


منعوا رئيس الوزراء ووزرائه من الدخول، وكانوا يعقدون


اجتماعاتهم في أماكن مجهولة! شيء مؤسف فعلا؛ ولكن الأشد


منه أسفًا تركهم هكذا دون مناقشة أو سؤال عن طلباتهم، أو


احتوائهم، أو حتى استخراج بيان شديد اللهجة بأنه لا اعتصام إلا


في الأماكن المخصصة لذلك، والتهديد بفض اعتصامهم بالقوة


لأنه غير سلمي، وفضحهم أمام الشعب بالصور التي التقطت لهم


من كاميرات مجلس الشعب ومجلس الوزرا، كل هذا لم يحدث،


ومن الطبيعي أن المعتصمين لمدة 27 يوما يقومون ببعض


الترفيه؛ كالسمر والغناء مثلا، ولعب الكرة أيضا، فكيف يعتبر


دخول كرة لفناء مجلس الشعب مساسًا بهيبة الدولة، ولم يعتبر


عدم تمكن وزارة بكاملها من دخول مجلسهم لا يمس هيبة


الدولة؟!!


ثم من مس هيبة الدولة أولا؟ دخول كرة إلى فناء مجلس الشعب




أم رجال الأمن يلقون بالحجارة من فوق ظهر مجلس الشعب


ونوافذه؟!!


مشهد غير حضاري وغير مألوف، ولا يدل على اشتباك بين


معتصمين ودولة؛ وإنما يدل على حرب شوارع في منطقة


عشوائية!


من هؤلاء الذين يعتلون المجلس؟ من سمح لهم؟ من تركهم كل


هذا الوقت؟ لو كانوا من الأمن والجيش وسمح لهم بذلك الفعل


الصبياني والعشوائي، فصاحب الفكرة غبي لأقصى درجة، أيًّا


كان، ولا يقدر المسئولية، وهو صاحب هدف شخصي؛ لأن


المصلحة الشخصية هى التي تعمي البصر والبصيرة، ولو كانوا


بلطجية، فأين الدولة وهم محصورون في مكان محدد، ومن


السهل جمعهم والقبض عليهم، أو حتى التمثيل بالقبض عليهم


لتبييض الوجه؟!


أيضا لم يحدث هذا، وتفاقم الأمر حتى حرق المجمع العلمي!!


انشغلت الدولة الموقرة في سحل فتاة وكشف ملابسها، وأظهر


الجندي الهمام بطولة شجاعة وهو يركلها في صدرها، وتشاغلت


عن حريق شب في تراث مصر وذاكرتها، انشغل الجنود البواسل


بالالتفاف حول غنيمة أو صيد ثمين ممثلا في شاب مهما كانت


شجاعته؛ لكي يوسعوه ضربًا وركلا، وتشاغلوا عن حريق شب


في أمن الوطن وأحرازه، وانشغلت خراطيم المياه برش


المتظاهرين، وتشاغلت عن الاتجاه ناحية حريق شب في صلب


الوطن وعموده الفقري!


كيف لا، والعقليات الحجرية، التي لا تري الحل إلا في بناء الجدر


الحجرية غير مستفيدة من من تجارب سابقة، والسور الحجري


الذي بُني أمام السفارة الإسرائيلية، وماذا كان مصيره؟! راحوا


يبنون آخر أمام مجلس الوزراء، وبعد ماذا؟ بعد ما حرق الغالي


والنفيس!!


لماذا؟


لابد أن نعود للتكهنات، مادامت الأفعال غيرَ مبرَّرة وغير منطقية،


وبطلها اللهو الخفي، والقط الأسود، وأمنا الغولة.. ونظرية


المؤامرة، والتي يجب أن يقف الشعب والجيش معًا لصدها، يقف


الجيش في صف البلطجية ويستأجرهم لضرب الشعب، وكالغريق


الذي يتعلق بقشة نجد من يتساءل: لماذا الحزب الإخواني الذي


فاز بالأغلبية الساحقة في صناديق الانتخابات بعيدٌ عن الأحداث؟


وهذا السؤال لو كان خبيثًا أو بحسن نية، فله إجابة واحدة، إنهم


بخبرة 80 سنة كر وفر، يعرفون متى يتدخلون، ومتى يحجمون؟


أو بمعنى أصح: متى وأين تحفر لهم الحفر، فيتركون الذي يحفر


ليقع فيها

ليست هناك تعليقات: