19 يناير 2010

اكتئاب موثق






اكتئاب موثق



قررت أن أكتئب اليوم.. فحالة اللامبالاة التى أبدو عليها لا تسر



(عدو ولا حبيب) الكل فى صوت واحد مبحوح:



- الحياة متعبة مملة، والمعاناة لا تحتمل، وأنت وحدك تضحكين..!!



لماذا لا تعبرين عن هذا الواقع المؤلم بالاكتئاب،



وأن تتنفسى مثلنا بالتبرم والسأم..!!



لماذا لا تكونين إنسانة متجاوبة مع واقعها.. تعيشين على أرضه..!!



وقفت أمام نفسى ألومها:



- لماذا يا نفسى لا تشاركين الناس همومهم،



فهم لا يرون سببا مقنعا لسرورك المتواصل،



والتعليق بالمزاح على كل كلمة تقال..



هيا يا نفس نتوكل على الله ونعقد العزم على الاكتئاب.



قالت نفسى باستخفاف:



- لا ضير.. هيا أعدينى للاكتئاب.. مصيبة لو اكتشفوا أننى فى اكتئابى أمزح،



وأننى أدعى معايشة الواقع، بينما أعلوا على الأحداث.



قلت لها :



- بالفعل يا نفس تحتاجين لأن أزودك بما يضمن لك اكتئابا موثقا..



ولكن من أين أبدأ..؟ سأطلب القهوة "السادة" واتصفح الجرائد.. ربما..!!



-"مانشيت" الصفحة الأولى.. صندوق النقد الدولى ينتقد اسلوبنا فى الزراعة،



والصناعة، والتجارة و.. التنفس.. يصدر أوامرة .



-التنفس بمقدار على قدر الحاجة، وبإذن منه.



قالت نفسى:



-وما يغضب فى هذا..!! ومن يحب الاصراف فى أى شيء



حتى فى التنفس، ومن يكره أن يتولى أمره صندوق ملآن بالذهب والنصائح..



المثقفون يعترضون .. يتنهدون على الأرائك يجلسون..



لا خوف عليهم فهم يفكرون..



عن المصطلح الأمثل يبحثون، بإذن الله سوف يصلون.



ولكن لماذا الحيرة، وهناك صفحة أعدت خصيصا لجلب الاكتئاب..



(صفحة الحوادث) يجب أن استعين بها فى إنجاز مهمتى الشاقة:



-يهشم رأس صديقه من أجل ربع جنيه.. آه ربع مليون جنيه..



سامحونى فأنا لا أقرأ الواقع.



أكدت نفسى:



-أنا أقدر أن تكون للصداقة ثمن غال كهذا..



ثم أن تهشيم الرأس عادة بشرية قديمة..



فقد هشم قابيل رأس أخيه مجانا، وبلا أى قدر من المال.



-طفل فى الخامسة يتزعم عصابة للسرقة.



هتفت نفسى :



- كتكوت فصيح.. لماذا يقبضون على هذا العبقرى..!!



أيحجرون على الذكاء فى عصر التكنولوجيا.. غيره.



-ضبط مدرس يقوم بترويج الهروين.



قالت نفسى فى استنكار:



- إذا كانت المشكلة فى الجمع بين وظيفتين ..؟



فالوظيفتان فى خدمة العقل.



- تعبيء زوجها فى أكياس بلاستيك..!!



- يفقأ عين زوجته..!!



- يعتدى على ابنته.. على عمته على..



صرخت نفسى :



- كفى كفى.. كرهت نفسي.. لقد امتلأت غما هما..



أصبح لدى قدر لا بأس به من الاكتئاب..



أستطيع الآن مشاركة الجميع فى يومهم القاسى وحزنهم الدائم..



سوداوية أكثر منهم.. !!



-يا إلهى ما هذا الخبر الذى لمع تحت ناظرى فجأة..



ثلاثمائة حريق بمخازن القطاع العام والحكومة احتفالا بموسم الجرد السنوى.!



ها .. ها .. هذا ليس جردا إنه احتفال ساخن جدا.. إنه تطهير عام..



وأيضا مجلس الشورى..!



ها .. ها..



-اعذرونى لا أقدر على منع نفسى من الضحك...!!


هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

قصة جميلة
شر البلية ما يضحك فعلا

ونحن نضحك كثيرا من كثرة البلاياه

تحياتى وسلمت يمناك

كوثر

غير معرف يقول...

القصص كلها مفيدة وتمس الواقع المعاصر وكويس لحقتى قطعة من الرغيف



اناس مش نقصة اكتئاب الواحد يبص على اى حاجة يكتاب لوحة ولكن عيشين بالامل فى بكرة احسن

اخت الكاتبة العبقارية

منيرة كيلانى

نادية كيلانى يقول...

الأخت الفاضلة كوثر
شكرا لمرورك الجميل وكلماتك الرائعة
وفعلا كما قلت شر البلية ما يضحك
ونحن نضحك كثيرا على قدر ما نجد من بلاء
مودتى وتقديرى

نادية كيلانى يقول...

أختى حبيبتى منيرة

شكرا يا حبيبتى ان نورت المدونه وباركتيها بكلماتك

ولو انك كتبت عن قصتيم فى واحدة فلا بأس
يكفى انك قريتى واقريتى

قرأت وأقررت
سلام الله ورعايته لك ولأولادك